المرأة هذه الشفرة الصعبة الحل في كل زمان و مكان ، بل السر الذي لا يعرفه إلا صانعه ، و نحن إذ نتكلم عن المرأة ستتضارب في أذهاننا عدة صور لما شهدته المرأة عبر التاريخ الإنساني و المحل الذي كانت تتموقع فيه كل مرة .
لا يختلف إثنان على أن المرأة التي كانت في ماضي بعيد مجرد اسم غاب معناه و جسد بلا روح ، عرفت سيرورة جاءت في كل مرة بالجديد الإيجابي للمرأة التي أخذت تتمتع شيئا فشيئا بكيانها ، بوجودها و بإنسانيتها .
ونحن في هذا الوقت الذي لفته لغة التكنولوجيا والأرقام ، أصبح للمرأة موقعا هاما بل و حساسا ، كيف ولا وهي اليوم الرقم الصعب في أكبر المعادلات الإجتماعية ، مساحة من ذهب نالتها المرأة في مجتمعاتنا اليوم كنتيجة حتمية لخصوصيات حاضرنا ومستقبلنا ، و لأن المرأة حقا أثبتت أنها تعادل أكثر من رجل في بعض الأحيان و في مواضع كثيرة ، والمظاهر التي نعيشها يوميا تضعنا في الصورة الحقيقية .
و بالرغم من الحيز الضيق المتاح للمرأة في عدة مجالات ، إلا أنها إستطاعت أن ترسم لنفسها حيزا يحترمه المجتمع و يجعلها عنصرا فاعلا و فعالا في إطاره .
المجتمع الذي وقف جدار صد بين المرأة و حقوقها في الممارسات الإجتماعية و السياسية ، آمن أخيرا بأن لا معني للسياسة الحرة في غياب مفهموم هو المرأة . المرأة التي إستطاعت إرسال صورتها للعالم كما يجب ، تحدت الأنظمة الجائرة و السياسات الخبيثة التي أقصت المرأة قلبا و قالبا و نسيت أن المرأة كيان إنساني قبل أن يكون أي شيء أخر .
المجتمع الذي رأى بأن الرجل هو كل شيء و صانع كل شيء ، أعطى الأفضلية له في كثير من الأمور نظرا لخصوصيات طبيعية يتفوق فيها عن المرأة ، لكن ألا تتفوق المرأة هي الأخرى عن الرجل لخصوصيات طبيعية ، أقول نعم والعقل يقول نعم ، فلو تمعنا في معادلة الرجل والمرأة لوجدنا التفوق الكامل للمرأة . فكل ما يقوم به الرجل في الحياة الاجتماعية و السياسية ألا يمكن للمرأة أن تلعب هذا الدور وإن ليس بمستوى الرجل لكن بالشكل المقبول ، لكن الرجل هل يمكن أن يقف ولو للحظة لأخد دور المرأة ، فهذا من المحال مهما كانت الظروف و لكم أن تتدبروا في ذلك .
منازل إجتماعية هامة إقتحمتها المرأة بل نالتها عن جدارة و عن حق شرعي ومشروع أكدت لنا أن الإستغناء عن المرأة في أي معادلة إجتماعية كانت ، أو سياسية أو غيرها هو من ضرب الخيال .
فمفهوم المرأة تطور بتطور الفكر الإنساني و إرتقى بإرتقاء الإنسانية ، إلا أن هذا المفهوم لم يكتمل معناه إلى يومنا هذا ، صحيح أن صفحات العنصرية ضد المرأة طويت إلا أننا مازلنا نسمع صدى أصوات تدعو لإسقاط بنات حواء .
و لإن الإنكسارات تصنع الإنتصارات ، علمنا التاريخ أن المرأة تكون قوية بعد كل أزمة و أن مصدر عزيمتها مصيبتها ، فعلينا أن نترقب هذا الرقم الذي سيكون له وقعه العظيم على أرجاء المعمورة ، رقم لن يقبل القسمة ولا الطرح و لا حتى الضرب لكن يقبل الجمع بين مركبات الوحدة الإنسانية .
إذن المرأة شئنا أم أبينا ، عنوان لا غنى عنه لمجتمع يريد تحقيق معاني المثالية و الإجتماعية و الأهم تحقيق معاني الإنسانية .