نضال ليلى إدارية مميزة
عدد المساهمات : 496 تاريخ التسجيل : 28/11/2009
| موضوع: وقفة مع الذات في العام الجديد الجمعة يناير 01, 2010 8:24 pm | |
| | | مع إطلالة العام الميلادي الجديد 2010 اليوم أقول للقراء كل عام وأنتم أرقى وأجمل والعالم بكم أرقى وأكمل. وأدعو الجميع إلى مرافقتي في ضوء شمعة اليوم إلى رحلة مع الذات، رحلة نتفكر فيها ونتأمل في جميع سنوات عمرنا الماضي بتأنٍ لنخرج منها بعبرة ما. ماذا حققنا خلال السنوات الماضية من عمرنا؟ الكثيرون منا يقيمون المكاسب حسب الإنجازات العملية والمادية، وينسون تقييم مكاسبهم النفسية والعاطفية والروحية؛ أي المكاسب والخسائر غير المادية والتي تؤثر كثيراً في مواقفنا القادمة تجاه علاقاتنا الاجتماعية وتجاه نظرتنا للحياة، لهذا فإن وقفة مخلصة مع الذات في هذا اليوم بالذات وهو تاريخ 1,1,2010 ستوفر لنا فرصة نادرة لعقد صداقة جديدة مع الذات. من أنا؟! عزيزي القارئ قد يبدو لك أن هذا سؤال غبياً في الظاهر؛ لكنه عميق جداً في الباطن، فتعريف المرء لنفسه قد يشمل اسمه واسم عائلته أو قبيلته وجنسيته، وعرقيته ولقبه الوظيفي أو العلمي أو درجة التعليم التي حاز عليها والمنصب الوظيفي الذي يشغله ورصيده في البنك ونوعه الجنسي كذكر أو كأنثى وحالته الاجتماعية كأعزب أو متزوج، وكأب أو كأم وعدد الأطفال لديه وعنوان منزله والخطط المستقبلية التي يسعى إلى تحقيقها. لكن قد لا يعي الكثيرون منا حقيقة أن جميع الذي ذكر أعلاه إنما هي أمور مرتبطة بدور الإنسان المحدود خلال رحلته القصيرة على هذا الكوكب حاملاً هذا الجسد الذي يملكه، ويحاول المحافظة على تغذيته والعناية به حتى يبقى سليماً معافى طالما هو يسكنه.. نعم يسكنه؛ فهذا الجسد هو مجرد سكن مؤقت لروح أبدية سوف ترحل عن هذا الجسد يوماً ما وتتركه معفناً نتناً لابد أن يوارى الثرى حتى لا تفوح رائحته، فهذا الجسد الجميل الذي يتغنى بجماله العشاق لا يساوي فلساً إن رحل عنه صاحبه وصاحبه هو أنت.. هذه الروح الجميلة الرائعة التي سكنت ذاك الرداء الميكانيكي العجيب الذي مكن هذه الروح من التعبير عن ذاتها من خلال الحركة والتواصل عبر التحكم في الحواس الخمس من خلال الكومبيوتر الذي هو العقل الواعي والعقل اللاواعي. العقل الواعي والضمير فالعقل هو بمثابة الصفحة البيضاء التي تختزن المعلومات التي تنقلها إليها الحواس أو نوافذ الروح، وتقوم برصدها وتصنيفها وتنظيمها، وعلى أساس عملية الرصد والتصنيف يقوم العقل الواعي بإصدار أوامره إلى الجسد لكي يتصرف. لكن هناك جزء آخر من العقل يعمل بطريقة مختلفة وهو العقل اللاواعي؛ الذي يختزن كل الأفكار وكل الصور وكل الكلمات التي تطرأ على شاشته البيضاء منذ الطفولة، ويظل يعمل حتى لحظات نوم صاحبه ولا ينام ولا يهدأ أبداً، ويسجل كل ما يحدث حوله لهذا يسمى الضمير. فمهما تصرف الإنسان من تصرفات ظاهرية نبيلة فإن الله وحده العليم بالضمائر، وإن الروح على علاقة جيدة بهذا الضمير الحي، فدوره أن ينبه الروح بأنها على علاقة وثيقة بالله وأن ما يحدث من علاقات وأفعال إنما هو لصيق بدور الإنسان الحقيقي على هذا الكوكب، ودوره الحقيقي هو الارتقاء بالروح وعدم السماح للجسد الترابي أن يكون هو المسيطر والمتحكم في مصير هذه الروح، لأن كل ما هو مرتبط بالجسد الترابي سيظل متعة وقتية وسيظل الجسد المادي يقودنا إلى طلب المتع المادية ما لم ننتبه إلى أن رحلتنا في هذه الحياة إنما هي رحلة مؤقتة ومرتبطة بدور محدود، ورحلتنا الحقيقية هي رحلة أبدية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وكل ما تعلمه جميع الأديان التي يدين بها أهل هذا الكوكب أن الإنسان كان ذات يوم مع الله وأنه لابد وأن يعود إلى الله، وأن هذا الإنسان إنما يخوض صراعاً ليس له نهاية إلى آخر يوم في حياته على الأرض مع قوى مضادة يقال لها الشر أو الشيطان أو الباطل أو الإثم أو الخطيئة في لغتنا العربية، ولها ما يقابلها في اللغات أو في الأديان الأخرى. المجاهدون أو جنود الله الصراع بين الله والشيطان كان مرتبطاً بخلق الإنسان؛ عندما خلقه الله على صورته ونفخ فيه من روحه ثم طلب من الملائكة أن يسجدوا له وقال الله سبحانه وتعالى للملائكة إنه خلق الإنسان ليكون خليفة الله على الأرض كما هو مذكور في القرآن الكريم، وأن الملائكة سجدوا كما أمرهم الله إلا إبليس الذي أبى واستكبر وكان من الكافرين مما أغضب الله سبحانه وتعالى، وقال له ''اخرج منها فإنك رجيم''، لكن الله سبحانه وتعالى كان عادلاً مع إبليس الذي يقال إنه كان من أكثر الخلق تعبداً لله قبل تلك اللحظة، فأجاب الله طلب إبليس أن يمهله حتى يوم البعث، ووعد إبليس بأنه سوف يظل يغوي البشر إلا الذين آمنوا فليس له عليهم من سلطان. مملكة إبليس عندما نلجأ إلى وعينا أو ضميرنا فنحن بالفعل نجد أنفسنا في كل لحظة من لحظات حياتنا أمام خيارات وتحديات، ما إن ننتهي منها حتى تواجهنا تحديات أكبر منها، وما لم ننتبه إلى أننا في مملكة إبليس التي ارتبطت مع وجودنا على هذا الكوكب سوف ننسى أصلنا قبل اللحظة التي أخرج فيها آدم من الجنة، والتي كان فيها مقام بني آدم أعلى من مقام الملائكة. فجهاد النفس في هذه الدنيا هو من أقدس أنواع الجهاد ولهذا أطلقت بعض الجماعات البشرية في الثقافات القديمة على نفسها لقب "warriors" وهذا المصطلح يعني ''المجاهدون'' أو ''المقاتلون''، وهذا نفس مفهوم الإسلام. فالإنسان هو في معركة دائمة ضد الشر منذ يوم ولادته حتى يموت فهذا هو قدره. وتصور بعض القبائل البدائية في حضارة الأنكا والمايا بأميركا اللاتينية لوحات لمجموعة من البشر متماسكين في رقصة روحية محلقين حول النار. ونحن نعرف أن التفسيرات الحديثة مهما حاولت فك رموز وطلاسم ما تبقى من رسومات الحضارات القديمة تظل عاجزة عن التفسير الحقيقي لمثل تلك الظواهر. مثلاً لازالت بعض قبائل الهنود الحمر في أمريكا اللاتينية تمارس بعض طقوس
الروحي، حيث يقرر الشخص الراغب في التطهير إلى الدخول إلى غرفة شديدة الحرارة مليئة بالبخار ويظل يصارع للبقاء فيها إلى درجة الهلوسة، وتخبرنا الدراسات التي تناولت هذا الطقس أن الأشخاص الذين يمارسون هذه الظاهرة في لحظات تشبه لحظات الاحتضار أو الانفصال عن الجسد تتكشف لهم رؤى تكشف لهم حقائق غائبة عنهم تعيد ربطهم بحقيقتهم كأرواح وليس كمخلوقات مادية فقط، حيث يخرج الشخص من خيمة أو غرفة الحرارة وهو يشعر أنه خفيف مثل الطائر بعد أن استعاد روحه التي استحوذ عليها الحضور المادي، هذا إن لم يكون قد بلغ من الإنهاك إلى لحظة الموت والانفصال تماما عن الجسد. فهو يدخل هذه التجربة وهو معد نفسياً لكافة النتائج، وقد أتحدث عن تجارب ثقافات أخرى في مقالات أخرى لنتعرف على الأشياء المشتركة بيننا وبين الشعوب الأخرى. الخلاصة بمناسبة دخول العام الميلادي الجديد؛ ومن قبل أسبوعين دخل علينا العام الهجري الجديد يلزمنا استعادة اللحظة العظيمة التي خلق فيها الإنسان كروح عظيمة لها دور مرتبط مباشرة بخلافة الله على هذه الأرض، فاسأل نفسك أخي القارئ وأختي القارئة؛ هل هذه الروح التي أملك جديرة بالدور العظيم المناط بي؟ وهل أستطيع وضع خطة جديدة لحياتي على هذا الكوكب تمكنني من الارتقاء بالروح العظيمة التي يملكها كل إنسان منا؟ أجل.. إن كلاً منا يملك روحاً عظيمة وجوهرة أعظم من الماس، لكن بعض الجواهر يعتليها بعض الغبار وبعضها تعتليها طبقة من الإسمنت، وكل منا يجب أن يجاهد لكي تشع تلك الجوهرة بإشعاع الروح الذي هو تماماً كإشعاع النجوم المضيئة في الليالي الحالكة الظلام. كل عام وأنتم أرقى وأروع والعالم بكم أروع وأكمل. ❊ اعداد نضال ليلى |
| |
|
ابويزن الحضور المميز
عدد المساهمات : 287 تاريخ التسجيل : 09/12/2009
| موضوع: رد: وقفة مع الذات في العام الجديد الجمعة يناير 01, 2010 9:42 pm | |
| شكر لك على هذه الكلمات الجميلة أخت نضال | |
|
Admin site Admin
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 31/10/2009 العمر : 38 الموقع : suadia arabia
| موضوع: رد: وقفة مع الذات في العام الجديد السبت يناير 02, 2010 6:43 am | |
| وانت بألف خير وصحة وعافية وشكرا لك على هذه الكلمات الرائعة | |
|