قديماً كان الأهل يتخذون قرار زواج الأبناء شباباً وفتيات، فالأم تختار العروس لابنها، ويختار الأب العريس المناسب لابنته دون اعتراض من الأبناء.. ومع الانفتاح الإعلامي وخروج الفتاة للمجتمع، ووصولها لدرجات عالية سواء في مستوى تعليمها أو تدرجها الوظيفي اختلف الوضع، فالشاب والفتاة يختاران شريك الحياة، بل وصل الأمر حد خصام الأهل واعتراض وبكاء، ومناقشات واعتصام، وإضراب من وقت لآخر عن الأكل أو الكلام، عندما يكون هناك اعتراض على الشريك المقترح. حاولنا رصد آراء بعض الشباب والفتيات حول هذه القضية،
حيث تقول «أبرار» من الأردن: «أرفض تماماً زواج الأبناء دون موافقة الأهل، فالزواج ارتباط عائلتين وليس ارتباط شخصين، على الشاب أو الفتاة السعي لكسب رضا الأهل عن شريك الحياة، بمزيد من الصبر، بل وعليهما الإنصات باهتمام واحترام لرأي الأهل وتفهم أفكارهم ومشاعرهم جيداً، وإذا وجدا أن وجهة النظر هذه غير صحيحة عليهما المبادرة إلى توضيح ذلك بما يجدانه من الأدلة أو النقاط الإيجابية في شريك الحياة، وأعتقد أن تعارف الأهل قد يكون له دور كبير في تقريب وجهات النظر وتآلف النفوس، ومهما كان فالأهل لديهم خبرة وبُعد نظر في أمور الحياة قد تفيد الأبناء كثيراً».
أما «هاني»، من مصر، فيقول: «لا أتحدث عن زواج الفتاة بدون موافقة أهلها لأنه حرام شرعاً، أما بشأن الشاب فيجب أن يدرك أن لكل أهل نقاط ضعف يمكن أن يستغلها لإقناعهم بشريكة حياته بعيداً عن المقاطعة والخصام التي تنم عن شخصية غير متزنة، وفي الحقيقة كثيراً ما يكون رفض الأهل للزيجة نابعاً عن وجهة نظر صحيحة لا يراها الشاب بسبب تفكيره العاطفي بعيداً عن العقل، وبالعكس إذا حاول الشاب النظر لأسباب الرفض من وجهة نظر أهله وبمنظارهم، ربما يدرك سلبيات الزيجة، أو في المقابل أن يجد حلولاً منطقية لإقناعهم بخطأ وجهة نظرهم».
«لجين» من الإمارات ترى الموضوع بشكل آخر حيث تقول: «كثيراً ما يرفض الأهل زواج الفتاة؛ لأن شكل الشخص المتقدم، أو مظهره لا يناسبهم، وهنا على الفتاة أو توضح لأهلها وبأسلوب مهذب، به حياء، أنها هي مَنْ ستتزوجه، وهي مَنْ ستعيش معه، وأنه مناسب من وجهة نظرها، وأن تدعم رأيها دائماً برأي الشرع في التعنت في الزواج. كذلك يرفض الأهل أحياناً بسبب ضعف المستوى المادي للشاب، والحل الأنسب لإقناعهم أيضاً هو رأي الشرع، وأن توضح أن لديها استعداداً لتحمل الحياة الصعبة معه، وأن المال لا يبقى، وأن تعدهم أنها لن تشكو من الحالة المادية بعد الزواج. لكن بأي حال من الأحوال، يجب أن تدرك كل فتاة خطورة إقبالها على الزواج دون موافقة أهلها، وأن تدرك خطورة حرمانها لنفسها من مساندة أهلها لها في زواجها، فالرجل الذي يدرك أن زوجته بلا أهل يدافعون عنها وقت المشكلات لا يكون عنده رادع عن إيذائها، فلا تعتقد أن أهلها سوف يسامحونها ويستسلمون للأمر الواقع بعد زواجها، وللأسف سوف يعايرها الجميع بما فعلت خاصة أهل زوجها، وسيظل من حولها يذكرون أبناءها لاحقاً بما فعلته أمهم».
وتتعجب «منى» ممن يتزوجون دون موافقة الأهل قائلة: «كيف يكافئون أهلهم بعدما تعبوا في تربيتهم ورعايتهم بأن يتزوجوا بهذه الطريقة؟! في الحقيقة إذا أقبل شاب أو فتاة على هذا الأمر فهذا معناه خلل في تربيته منذ الصغر». تعنُّت الأهل
وتقول «هـ. م»، من السعودية: «ترى بعض الفتيات أن تتزوج دون موافقة أهلها، قبل أن يزوجوها هم دون موافقتها، فكلما تقدم شاب للفتاة يرفضه أهلها دون أن يسألوا عن دينه أو أخلاقه، وسبب الرفض أنه ليس من نفس قبيلتنا، وهكذا حتى تدخل الفتاة في دائرة العنوسة ولا ينفعها أهلها، وقتها يزوجونها لرجل في السبعين من عمره ليتخلصوا منها، فالأهل نسوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم[: «إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فيالأرض وفساد عريض»، فلماذا تهتم بهم إذاً؟! وهنا تستطيع الفتاة أن تلجأ إلى القضاء لتزويجها وفقاً للشرع، حيث يستدعي القاضي ولِّيها أو المسؤول عن ولايتها لمعرفة أسباب رفض شاب تقدم لخطبتها، فإذا كانت الأسباب غير مقنعة تستطيع الفتاة الزواج دون موافقة أهلها وهذا حق شرعي وقانوني إذا توافرت فيها الشروط الشرعية، وهناك ما يسمى بعضل الولي، وهو أن تستعين الفتاة بعمها أو شقيقها في إتمام زواجها، وذلك بعد أن تطلب من المحكمة أن يزوجها بولاية الولي الأبعد، أو أن يتم تزويجها بولاية المحكمة».
أما «فاتن»، فلها رأي آخر حيث تقول: «إذا رفض أهلي الشاب الذي أريده زوجاً - دون سبب مقنع - فلن أتزوجه دون موافقتهم، لكنني سأحملهم طوال عمري سبب عنوستي، فالإقبال على الزواج دون موافقة الأهل بمثابة جرأة ومخاطرة كبيرة ترتكبها الفتاة في حق نفسها قبل حق أهلها، وأعتقد أن الشاب الذي يرغب في أي فتاة زوجة له لن يرتكب أبداً خطأ في حقها بالزواج منها رغم أنف أهلها، وذلك حتى لا يجعلها محط ألسنة الناس وأنظارهم السيئة، فرغم تمسك أي فتاة بمن تريد فإن الزواج سراً أو دون موافقة الأهل لا يجعل بنيان هذه الأسرة سليماً».
«طلال» من قطر يتحدث عن أسباب انتشار هذه المشكلة حيث يقول: «سبب إقبال الفتيات خاصة على هذا الأمر يرجع إلى مغالاة المهور من قبل الأهل، إلى جانب ارتفاع نسبة البطالة، وعدم انتباه الأهل إلى تأخر سن بناتهن في الزواج، فمثلاً دولة الإمارات العربية المتحدة نجد بعض القبائل رغم تمسكهم بالآداب والأخلاق لايزالون يتمسكون بأن يكون مهر الفتاة يساوي وزنها ذهباً، فهناك فتيات وصلن سن 45 عاماً ولم يتزوجن بعد، وفي مصر يوجد 2.5 مليون مطلقة تحت سن الثلاثين، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الخلع بالآلاف في المحاكم، وأغلب حالات الطلاق هذه كان الزواج فيها عن قصص حب كبيرة وعدم موافقة الأهل على الزيجة من البداية».
السؤال
ما مصير زواج الابناء بدون رضا الاهل