لقد أصبح هذا اللقب منتشراً بين المسلمين وأصبح كل من قرأ بعض الكتب الدينية أو كتب بعض المقالات أو تحدث في بعض الندوات أو ألقى محاضرات أو ألف كتاباً أو راسل مجلة يطلق على نفسه " مفكراً إسلامياً " ، وللأسف الشديد أن ذيوع هذا اللقب وانتشاره وعدم دقة فهمه يؤدي إلى مفاسد كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر :
- أن يصبح الدين فكراً تتعارض الأهواء تجاهه؛ ولهذا فإنه لا يصح هذا اللقب في الإسلام من الأساس فكما يقول أحد كبار أهل العلم :
" الأديان ليست أفكاراً ولكنها وحي من الله تعالى ينزله على رسله ليسير عباده عليه وهذه الكلمة أعني كلمة " الفكر الإسلامي " التي يقصد بها الدين يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية لأنها تؤدي إلى المعنى الفاسد وهو أن يقال الإسلام فكر والنصرانية فكر واليهودية فكر – وأعني بالنصرانية التي يسميها أهلها بالمسيحية
فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار أرضية يعتنقها من شاء من الناس والواقع أن الأديان السماوية أديان من عند الله عز وجل يُعبد بها عباده ولا يجوز أن يطلق عليها "فكراً" " وبهذا يتضح أن اشتقاق اللقب ليس صحيحاً أيضاً وفيه تلبيس على الناس وإيصال معاني غير حقيقية لهم .
- هذا اللقب يفتح الأبواب على مصراعيها أمام كل من تسول له نفسه أن يتحدث في الدين بغير علم وما أكثر هؤلاء في زماننا فترى الواحد منهم يصف نفسه بهذا اللقب ويدّعي لنفسه مالا يملكه ويصف معارضيه بالتشدد والتزمت والرجعية وأنهم قاصرون في فهم النصوص جامدون في تطبيق معانيها
على الرغم من أنه أساسا لا يملك أدنى مقومات العلم بالشرع ولا أسس التفقه في الدين حتى يتحقق من حدوث ذلك بل أنه يسير بأهوائه ويقدمها على صحيح دينه والثابت فيه بدعوى الحداثة والتجديد
بل إنك تلحظ في كل ما يقدمه أنه يحمل تنفيثا لأحقاده على الدين وبثاً لسمومه بين الناس وللأسف أنه ومع ذلك نرى البعض يهلل لهؤلاء ويسير في ركابهم ويتلبس عليه الأمر فيقع فيما يريده هؤلاء أو يتشكك فيما عنده من الحق ، بل وقد يصبح بعض المتلقين مع مرور الوقت ومع كثرة الباطل أبواقاً لنشر فكر هؤلاء والدعوة إليه والدفاع عنه ظناً منهم أنه الحق أو لتوافقه مع أهواء أنفسهم
وما أكثر ما يفعله الهوى بالناس ولهذا ذمه المولى جلا وعلا في أكثر من موضع في القرآن بل إنه ما ذكر الهوى في القرآن إلا وذمه الله عز وجل وفي مثل هذا يقول المولى تبارك وتعالى : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) " القصص : 50"
( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) " الجاثية:23"
( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً ) قال البغوي : هم أهل البدع والأهواء
ويروى عن الثوري في هذا المعنى أن رجلا ً أتى ابن عباس رضي الله عنهما فقال : أنا على هواك ،
فقال ابن عباس : الهوى كله ضلالة أي شيء " أنا على هواك "،
ويقول الفضيل بن عياض : "لا تجالس صاحب هوى فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك ، أو تخالفه فيمرض قلبك ".
- هذا اللقب ليس لصاحبه أسس أو أصول يعتمد عليها وبهذا تجد الحقيقة تضيع بين دفات كلامه وأحاديثه بل إنه يقف حاجزاً في وجه العلماء والفقهاء ويظن الناس وكأنهم بين فريقين وآراء مختلفة وللأسف أن هذا يحدث كثيراً وفي قضايا متعددة وخاصة ونحن نعيش في ليل الجهل الذي يتلصص فيه إبليس ويلبس فيه على الناس .
وليست هذه كل المفاسد ولكن بعضها، ومع ذلك فإننا وجدنا بعضاً من أهل العلم والفضلاء يصفون أنفسهم أو تصفهم المجلات والصحف بهذا اللقب وأخشى ما أخشاه كما بينا أن يؤدي ذلك إلى اختلاط الحابل بالنابل ويتلبس الأمر على المسلمين ولهذا فالأفضل والله أعلم أن نعود إلى الألقاب والصفات التي كانت معهودة في العصور الأول من الإسلام كالداعية والعالم والفقيه والحافظ والمتقن والمحدّث والعلامة وغيرها الكثير
والتي لا يجرؤ أحد على أن يصف نفسه بها حتى يصل حقيقة إليها ويكون أهلاً لها وإلا يُكتشف أمره ويُفتضح لمكانة تلك الألقاب في نفوس الناس ولذا فدعونا من المستحدثات التي لا تقدم شيئا ولا تغنى من جوع بل قد تسيء إلى ديننا وتقف حاجزاً في سبيل نشره وتقدم أهله ولا سيما أنه عندنا ما يكفينا وزيادة
ومن أجل ذلك كله حذرنا من هذا اللقب ورجونا أن يُتبين للمسلم أن كثيراً ممن يشار إليهم بهذا اللقب لا علاقة لهم بالعلم الشرعي ولا يعرفون حقيقةً في أصول الفقه أو الحديث أو التفسير أو العقيدة ولا يملكون مقومات اللغة والتبحر في معانيها وأن جلّ همهم الخروج عن المألوف ومخالفة ما اجتمع عليه المسلمين بدعوى الحداثة والتجديد بل والوصول أحيانا إلى إنكار أصول الدين
ولعل ما يفعله المدعو " جمال البنا " وأمثاله لا يخفى على الكثير منا ومع هذا يُطلقون عليه " مفكر إسلامي " بل إني قرأت يوما عن رجل ينكر القرآن ويدّعي أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو من كتبه ويؤلف الرجل كتاباً في ذلك ومع هذا يُطلقون عليه " مفكر إسلامي " فيا للعجب !!!!!!!.
المفكر الإسلامي – بقلم / محمد محمود عبدالخالق
لقراءة المزيد من أرفلون نت اضغط هنا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]--