بعد أن انقشع ضباب وهم المفاوضات!
بقلم : خالد محمود
تعيش الساحة الفلسطينية هذه الأيام أزمة كبيرة، تتعرض فيها القضية للتصفية المتدرجة والصريحة، بآليات متنوعة، تتحرك من الداخل والخارج، وبقوة ضغط هائلة ومتعددة المصادر.
فالحقيقة تقول: إن (إسرائيل) لا تريد سلاماً
قط: لا تريده بالنية والإرادة والقصد، ولا تريده بالفعل والسلوك والممارسة.
كيف؟! لقد حاول العرب بشتى الطرق والوسائل طمأنة (إسرائيل) على وجودها فقدموا (المبادرة العربية) للسلام، التي تنص على: انسحاب (إسرائيل) من جميع الأرض العربية التي احتلتها عام 1967 - بما في ذلك القدس الشرقية - مقابل إقامة سلام مع العرب أجمعين!!.. لكن (إسرائيل) لم تخط خطوة واحدة تشير إلى أنها استجابت لهذه المبادرة السلمية... وبقيت أيدي العرب الممدودة للسلام معلقة بالهواء منذ الإعلان عن المبادرة لغاية كتابة هذه السطور!
الولايات المتحدة الأمريكية حاولت أيضاً بطريقة أو بأخرى إقناع (إسرائيل) بالسلام من خلال تجميد الاستيطان وتقديم ضمانات تحفظ أمن (إسرائيل) آخرها تقديم صفقة سلاح ضخمة ومتطورة منها عشرون طائرة عسكرية من طراز (إف 35).. لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل أمام التعنت الاسرائيلي الرافض للسلام والمصر في الوقت نفسه على الاستيطان.. وثمة براهين أخرى عديدة وقوية تثبت أن (إسرائيل) لا تريد السلام مع العرب، أو تريد سلاماً على هواها تأخذ به كل شيء وتعطي العرب السراب والذل والمهانة.
نعم، إن عملية السلام والمفاوضات المستمرة منذ عشريتين من السنين ،كانت عقيمة عبثية لم تسفر سوى عن تكريس الإستيطان والجدران والتهويد للقدس والضفة، وهذا صحيح، فسبب ما وصل اليه الفلسطينيون من لحظة الحقيقة بالاقتناع بعبثية المفاوضات، وذلك في ظل الأجندات الاستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى شطب القضية والحقوق والحيلولة دون إقامة الدولة. وفي ضوء ذلك الالتقاء الامريكي – الاسرائيلي – وبعض الدول الأوروبية على منع الفلسطينيين من الوصول إلى مجلس الأمن لنزع اعتراف بدول فلسطينية!
وبعد مضي عشرات السنين على احتلال (إسرائيل) للأراضي العربية الفلسطينية ومضي أكثر من عشرين سنة على المفاوضات العبثية التي لم تجلب لنا إلا هواناً وذلة،جعلت الهوة بين الفلسطينيين و(إسرائيل) تتعمق، وأصبح "السلام" أبعد منالاً إلى هذه الدرجة. فعمليات القمع ضد الفلسطينيين بلغت أوجاً لم تبلغه من قبل. وبات الحديث عن عملية سلام بمثابة نكتة مضحكة، أو مسرحية هازلة، أو إدمان دائم على خداع الذات. لأن الكل يدرك أن (إسرائيل) بقواها اليمينية وتصرفاتها الشوفينية المتطرفة لا تريد سلاماً ، وهي بكامل إرادتها وقصدها، لا تريد سلاماً لا بالفعل والسلوك والممارسة.
ما أود قوله هو أن ما يجدر بالقوى العربية والفلسطينية هذه الأيام أن تقف وقفة مراجعة جادة، تعينها على دراسة التجربة، وتحديد عوامل القوة في موقف تل أبيب، والخلل في الموقف الفلسطيني والعربي، وأن يكون هناك مراجعة عربية وفلسطينية وعالمية بعد أن اتضحت الرؤيا وانقشع ضباب الوهم عن (إسرائيل) وعقلية قادتها وساستها وتبين للقاصي والداني ،لأن (إسرائيل) غير جادة في السلام لا بل تسعى لتدميره وتدمير ما تبقى من فرصه وتسعى لإغراق المنطقة بالفوضى والعنف لا بل الحروب وهذا ما تيسر إليه المنطقة!
المصدر: موقع ومنتدى مخيم نهر البارد والبداوي الحواري - من قسم: فلسطينيات: اخبار ومقالات
__________________