اسرائيل تتخوف من السلام وتتحضر له... امنياً
15 تشرين الأول 2010 قراءة تحليلية -
اذا كان من المفترض ان يشكل السلام خطوة استقرار وطمأنينة الى شعوب المنطقة بأسرها، فإن اسرائيل تعاكس هذا القول بالشكل والمضمون. فعلى الرغم من رغبتها في الوصول الى سلام يرضيها اولاً، فإنها على ما يبدو تتخوف من امكان التوصل الى سلام، وهي تتحضر له بصورة جدية ليس من الناحية السياسية، انما من الناحية الامنية.
فوفق تقرير نشرته صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، تتحضر اسرائيل لسيناريو اسود للسلام يتضمن حصول اضطرابات قوية بين العرب الاسرائيليين، وهجمات كثيفة تقوم بها حركة "حماس، واعتداءات صاروخية على مقار السجون. هذا السيناريو وضعه عدد من القادة الامنيين الاسرائيليين ومسؤولو الاغاثة والاطفاء وقاموا بتدريبات ميدانية لمحاكاته.
ويقوم السيناريو انطلاقاً من التوصل الى اتفاق سلام بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية ما سيؤدي الى عدم استقرار كبير من قبل غير الراغبين في هذا الامر. وتم ادخال عرب اسرائيل في هذا السيناريو رغم الاعتراف بأن قسماً منهم سيقبل بالاتفاق كونه سيحصل على جزء من الاراضي التي تحتلها اسرائيل، كما تم تخصيص مركز اعتقال لهم.
اما بالنسبة الى حركة "حماس" فتوقع مهاجمتها وقيامها بعمليات امنية ليس خارج الجدول وليس بالمستغرب ايضاً، اما الهدف وفق السيناريو، فيقضي بزعزعة السلطة الفلسطينية واستعادة السيطرة على الضفة الغربية. وهنا، ارتأى القادة الامنيون في اسرائيل القيام بخطوة غير تقليدية تقضي بافراغ السجون من شاغليها بسرعة، لافساح المجال امام ادخال ناشطين اسلاميين سيتم اعتقالهم.
باختصار، ووفق هذا السيناريو والتدريبات التي اقتضى القيام بها، فإنه حتى السلام لا يمكن ان يشكل مصدر راحة للاسرائيليين، علماً ان السيناريو اغفل نقطة مهمة جداً من شأنها اثارة الاضطرابات وهي المستوطنات الاسرائيلية التي يمكن ان يفكك معظمها اذا ما تم التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين، وهو امر مليء بالمخاطر لان ساكني هذه المستوطنات هم من ينادون بدولة "اسرائيل الكبرى"، وهم لن يترددوا في استعمال الوسائل كافة لمنع مغادرتهم مراكز اقامتهم الحالية.
السيناريو السلبي والمتشائم الذي عرضته "لو فيغارو" اعتبر البعض انه يعكس في الحقيقة رغبة اسرائيلية في عدم التوصل الى سلام، وان الهدف منه هو افهام الاسرائيليين بأن السلام لن يكون ضمانة لهم للحصول على الاستقرار والهدوء، وان مطالبتهم بتحقيق السلام ينبع من رغبة في الامن غير متوافرة على ارض الواقع، ما سيدفع بالمنادين بالسلام الى التخفيف من الحاحهم وضغوطهم والاكتفاء بالتدابير المتخذة من قبل الحكومة الاسرائيلية.