ردا على خبر المسبار في دنيا الوطنتاريخ النشر : 2010-09-22
القراءة : 8442
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الباحث: عطية مرجان ابوزر
ورد في صحيفة دنيا الوطن أمس خبر مفاده أن المسبار الصاعد الى السموات يحمل صورتين لرجل وأمرأة عاريين يبحث عن أحياء محتملين ليعلمهم عن الانسان والارض, لوحظ أن هناك قوة خفية تمنع هذا المسبار من التقدم في الارتقاء, وبسؤال عالم الفضاء العربي السيد الباز توقع توقف هذا المسبار قريبا الى مالانهاية ,,وانتهى الخبر باستهجان علماء لهذه الظاهرة؟
ونستعين الله تعالى ونستدل بقوله تعالى "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد : 24] ونستدل بالقرآن الكريم المعجز لنجد أن ذكرالمسبار والارتقاء الى طبقات السماء وتوقفها قد جاء في القرآن جليا لمن تدبر القرآن فلا عجب ولا استهجان .
قال تعالى:" َا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإنسِ إنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إلاَّ بِسُلْطَانٍ) (الرحمن: 33)
من إعجاز القرآن الكريم إنه أخبر جيلنا بالكثير من الواقع التي يشهدها وستشهدها الأجيال القادمة, فخبر المسبار الذي أطلقه الإنسان للبحث عن خلائق أخرى عبر السماء الأولى والذي استغرب العلماء بدء استعداده للتوقف بفعل قوى غيبية بدأت تعترض حركته, والذي يعتقد علماء الفضاء ان هذا المسبار سيتوقف تماما في السماء في لحظة ما وان كانت ليست قريبة, بفعل هذا المانع, وفي سؤال وجهته وكالة الفضاء للعالم العربي الباز أجاب مطولا على أن ثمة قوة خفيه يصعب فهمها ستوقف هذا المسبار وتمنع تقدمه في الفضاء, يلاحظ قارئ الخبر المفصل أن أي من العلماء المهتمين لم يذكر " إرادة الله" ولم يأت على ذكر عالم الغيوب والأدهى من ذلك أن أحدا من علماء المسلمين المعاصرين لم يعلق على الموضوع على اعتبار مرجعية القرآن الكريم على رغم قول الله تعالى"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد : 24]
وبدوري استعين بالله واستدل بكتابه المعجز للرد على هذا الخبر , مستدلا بآيتين فقط :" ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ﴾ والثانية : :﴿ والقمر إذا اتسق . لتركبن طبقا عن طبق . فمالهم لا يؤمنون . وإذا قرئ عليهم القرءان لا يسجدون ﴾ . ولنتدبر كما أمرنا الله هذا الأمر لعلنا نرد على من أنكروا علمية القرآن وإعجازه:
قلنا أن إنساننا المعاصر قد خوطب في القرآن ولم يكن القرآن خاص لمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبه في زمنهم المنقضي قبل 1429 سنه, فما يسمى في زمننا بمواد الطاقة الأحفورية أو الطاقة الشمسية التي تتحرك بقوتها مسابير اكتشاف الفضاء المنطلقة في السماء قد كانت في علم القرآن وأخبر بها الناس كما أخبر بخبر هذا الارتقاء بحثا في السماء بل وأخبر بوسيلة الارتقاء وكذلك أخبر عن وقوف هذا المسبار كما ورد في الخبر, ولا ندعي على القرآن مبالغين بل مستدلين بما بين دفتيه وما العلم إلا تصديق للقرآن وإن كان المنكرين يعتقدون أن البترول لم يكن في علم النبي الأمي فقد جهلوا وما جهل وحى يوحى, ولننطلق من هنا كشطحة مغفورة قبل الخوض في الرد.
لم يفوت صلى الله عليه وسلم الإشارة لمستقر المواد الأساسية الأحفورية فقال " اطلبوا الرزق من خبايا الأرض " .وما قصد إلا الدعوة للبحث في خبايا الأرض عن البترول والماء والمعادن, تلميحا منه لكل ما نحن بصدد استشرافه من خلال هذا المقال ، فهم اليوم ومن بعد الأحفوري يطلبون الطاقة المتجددة النظيفة والله تعالى إنما أخبر عن تحقق مقدرتهم على ذلك ، كما نحن نشاهد اليوم ونعاينه يقينا .
أن ما جاء في الآية 33 من سورة الرحمن كان وافي العرض مفصلا استكملته الآية 19 من سورة الانشقاق التي تقول" لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ "فتجيب الآيتان عما يحير علماء الفضاء بإذن الله وسنأتي ما شاء لنا الله على البيان:-
الخطاب أولا كان لمعشري الجن والإنس"يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإنسِ " وليس فعيل الجن من مادة بحثنا وإنما هدفنا ما نرى ونلمس من فعال الإنس,والحقيقة الثانية هي قوله تعالى" إنِ اسْتَطَعْتُمْ " وهذا شرط قابل للتنفيذ أي انه ممكن , والحقيقة الثالثة تبين المكان المقصود بالنفاذ وهو "..مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض"ِ والأقطار في الأرض طبقاتها, بينما أقطار السموات طباقها, بدليل قول الله تعالى" أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً [نوح : 15] , الحقيقة الرابعة" فَانفُذُوا" وهو مقدر النفاذ أي أنه ممكن للإنسان ونستدل بالآية" فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ [صـ : 10] ونتوقف عند الحقيقة الأخيرة في هذه الآية " لا تَنفُذُونَ إلاَّ بِسُلْطَان" وهي الحقيقة الجازمة بأن نفاذكم من أقطار السماء كائن ولكنه كائن بتمليك وتوفيق من الله.
إلى هنا والأمر في غاية البساطة فكل أمر عظيم كائن لا يتجاوز إرادة الله تعالى , ولكن هناك من يقول : ان قدر المراد المسموح به للإنسان سيكون فيما دون السماء الأولى , وهذا ما يروق لبعض منكري الإعجاز القرآني الذين يردون أن الإنسان قد تجاوز ذلك, على ذمة الخبر الذي أوردته - دنيا الوطن- فنقول والله المستعان حقا أنه القرآن فيه بيان لكل شيء.
والأسباب لغة المقصودة في الاية هي (السماء الأولى) ونستدل بقوله تعالى"وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ [غافر : 36] وسؤالنا الآن المطلوب الإجابة عليه: لماذا يتوقف المسبار اليوم عند هذا الحد؟
لعلي أجد في ما قاله نبي الله تعالى عاموس عليه الصلاة والسلام إجابة في هذا الخصوص وهو القائل
وَإِنِ ارْتَقَوْا إِلَى السَّمَاوَاتِ فَمِنْ هُنَاكَ أُنْزِلُهُمْ ) وذلك من وحي الله لعاموس وليس من علمه البشري,
إذن اتفقنا أن وصول الإنسان لأكثر من طبق من طبقات السماء وارد في القرآن وعلى المنكرين تدبر القرآن والآية ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ ﴾ ( للعلم السماء الأولى سبع سموات طباقا , وما ننتهي اليه من الطباق السماوية لن يتجاوز السماء الأولى, وحتى لا يمل القارئ الكريم ارد الى الاجابة مباشرة:بحول الله تعالى:
أولا: بالنسبة للنفاذ من أقطار الأرض:
إذا كان المقصود من هذه الآيات الكريمة إشعار كل من الجن والإنس بعجزهما عن النفاذ من أقطار كل من الأرض علي حدة, والسماوات علي حدة, فإن المعارف الحديثة تؤكد ذلك, لأن أقطار الأرض تتراوح بين (12756) كيلو مترا بالنسبة إلي متوسط قطرها الاستوائي, (12713) كيلو مترا بالنسبة إلي متوسط قطرها القطبي, وذلك لأن الأرض ليست تامة الاستدارة لانبعاجها قليلا عند خط الاستواء, وتفلطحها قليلا عند القطبين.
يستحيل علي الإنسان اختراق الأرض من أقطارها لارتفاع كل من الضغط والحرارة باستمرار في اتجاه المركز مما لا تطيقه القدرة البشرية, ولا التقنيات المتقدمة التي حققها إنسان هذا العصر, فعلي الرغم من التطور المذهل في تقنيات حفر الآبار العميقة التي طورها الإنسان بحثا عن النفط والغاز الطبيعي فإن هذه الأجهزة العملاقة لم تستطع حتى اليوم تجاوز عمق 14 كيلو مترا من الغلاف الصخري للأرض, وهذا يمثل0,2% تقريبا من طول نصف قطر الأرض الاستوائي, وعند هذا العمق تعجز أدوات الحفر عن الاستمرار في عملها لتزايد الضغط وللارتفاع الكبير في درجات الحرارة إلي درجة قد تؤدي إلي صهر تلك الأدوات, فمن الثابت علميا أن درجة الحرارة تزداد باستمرار من سطح الأرض في اتجاه مركزها حتى تصل إلي ما يقرب من درجة حرارة سطح الشمس المقدرة بستة آلاف درجة مئوية حسب بعض التقديرات, ومن هنا كان عجز الإنسان عن الوصول إلي تلك المناطق الفائقة الحرارة والضغط, وفي ذلك يقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ مخاطبا الإنسان: (وَلا تَمْشِ فِى الأَرْضِ مَرَحًا إنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً) (الإسراء:37)
ثانيا: بالنسبة للنفاذ من أقطار السماوات
تبلغ أبعاد الجزء المدرك من السماء الدنيا من الضخامة ما لا يمكن أن تطويها قدرات كل من الإنس والجن, مما يشعر كلا منهما بضآلته أمام أبعاد الكون, وبعجزه التام عن مجرد التفكير في الهروب منه… أو النفاذ إلي المجهول من بعده…!!!
فمجرتنا (سكة التبانة) يقدر قطرها الأكبر بمائة ألف سنة ضوئية (100.000*9.5 مليون مليون كيلو متر تقريبا), ويقدر قطرها الأصغر بعشرة آلاف سنة ضوئية (10.000*9.5 مليون مليون كيلو متر تقريبا), ومعني ذلك أن الإنسان لكي يتمكن من الخروج من مجرتنا عبر قطرها الأصغر يحتاج إلي وسيلة تحركه بسرعة الضوء (وهذا مستحيل) ليستخدمها في حركة مستمرة لمدة تصل إلي عشرة آلاف سنة من سنيننا, وبطاقة انفلات خيالية لتخرجه من نطاق جاذبية الأجرام التي يمر بها من مكونات تلك المجرة, وهذه كلها من المستحيلات بالنسبة للإنسان الذي لا يتجاوز عمره في المتوسط خمسين سنة, ولم تتجاوز حركته في السماء ثانية ضوئية واحدة وربع الثانية فقط, وهي المسافة بين الأرض والقمر, علي الرغم من التقدم التقني المذهل الذي حققه في ريادة السماء.
ومجموعتنا الشمسية تقع من مجرتنا علي بعد ثلاثين ألفا من السنين الضوئية من مركزها, وعشرين ألفا من السنين الضوئية من أقرب أطرافها, فإذا حاول الإنسان الخروج من أقرب الأقطار إلي الأرض فإنه يحتاج إلي عشرين ألف سنة وهو يتحرك بسرعة الضوء لكي يخرج من أقطار مجرتنا وهل يطيق الإنسان ذلك؟ أو هل يمكن أن يحيا إنسان لمثل تلك المدد المتطاولة؟ وهل يستطيع الإنسان أن يتحرك بسرعة الضوء؟ كل هذه حواجز تحول دون إمكان ذلك بالنسبة للإنسان, وما ينطبق عليه ينطبق علي عالم الجان… قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ [يونس : 101],والله وحده أعلم.