المتوحشون الجدد
السبت 18 سبتمبر 2010
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أعلن الجيش الأمريكي الأسبوع الماضي توجيه تهم لاثني عشر جنديا أمريكيا قاموا بتشكيل فرقة إعدام قامت بقتل وتفجير المدنيين الأفغان بشكل عشوائي، وعبثت بجثثهم وقطعت أصابعهم وجمعتها كهدايا تذكارية. من الحوادث التي يجري التحقيق فيها، أن خمسة من هؤلاء الجنود قتلوا مدنيين أفغان للتسلية في هجمات متعددة، وأن السبعة الباقين قاموا بالتغطية عليهم، وضرب وتعذيب زميل لهم قام بالإبلاغ عن تعاطيهم للحشيش والمخدرات وسرقته من مدنيين أفغان.
هؤلاء الجنود كانوا يقومون بدوريات منتظمة في منطقة قندهار جنوب أفغانستان. وأظهرت التحقيقات أن هذه الحوادث بدأت مع وصول العريف (كالفين جيبس) إلى وحدة قتال متقدمة في نوفمبر 2009. وقد أدلى جنود بشهاداتهم ضد (جيبس)، وقالوا إنه عرض أمام زملائه بعض "التذكارات الآدمية" التي رجع بها من
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أثناء خدمته فيها، وقال لهم (الموضوع سهل جدا .. ألق قنبلة على أحد المارة واقتله).
وتشير التحقيقات أن (جيبس – 25 عاما) خطط مع زميل له (مورلوك – 22 عاما) وزملاء آخرين وشكلوا فرقة للقتل وكان من ضمن ضحاياهم (غلام الدين) أحد المارة الذين ألقوا عليه قنبلة ثم أطلقوا عليه الرصاص من مدافع رشاشة في يناير 2010. بعد ذلك أعلن (مورلوك) لزملائه أن عملية القتل كانت للتسلية فقط، وهددهم بالانتقام لو أخبروا قيادتهم. في حالة أخرى أطلق (جيبس) النار على (ميراغ أغا) وأخذ صورة تذكارية إلى جانب جثة القتيل، ثم وضع كلاشينكوف إلى جواره لتظهر عملية القتل على أنها كانت دفاعا عن النفس. وفي حالة ثالثة في مايو 2010 قامت الفرقة بقتل رجل الدين (الملا آدا أداد) ومثلوا به، وقطعوا أصابعه وأخذوها تذكارا. بعض هؤلاء الجنود اعترفوا أثناء التحقيقات بهذه الجرائم، واعترفوا أيضا بسرقتهم لمخدرات وحشيش من مدنيين أفغان وتعاطيها أثناء خدمتهم.
إن التفاصيل المروعة التي نشر الجيش الأمريكي بعضها، تعطينا نماذج جديدة للوحشية التي يتعامل بها الجيش الأمريكي مع المدنيين العراقيين والأفغان. ونحن هنا لسنا أمام "تجاوزات فردية"، وإنما نحن أمام ظاهرة لأن عدد الحوادث التي تم الإبلاغ عنها والتحقيق فيها، لابد أن تكون نسبة ضئيلة من الحوادث التي وقعت بالفعل. إن أحد الجنود الذين شملهم التحقيق والذي قام بالإبلاغ عن تعاطي زملائه للحشيش وسرقته، قال إنه تعرض للضرب بقسوة بالغة من زملائه، وكاد أن يموت تحت وطأة الضرب وهددوه (إن لم تغلق فمك، فسنعود إليك).
إننا أمام نماذج انتكست فطرتها وانسلخت من إنسانيتها وتوحشت وأصبحت كالحيوانات المفترسة التي تلهو بضحاياها. هذه النماذج خسارة أن نسميهم "إرهابيين". إنهم متوحشون جدد خرجوا ثمرة مرة للشحن الإعلامي الغربي، وللثقافة الغربية الجديدة عديمة القيم والأخلاق. إن الشحن الإعلامي الغربي يصور الأفغان أنهم إرهابيون متخلفون مع أنهم شعب واقع تحت الاحتلال منذ تسع سنوات. ونفس الإعلام يصور قوات الاحتلال الغازية على أنهم "رجال ونساء يضحون بأنفسهم من أجل حرية الشعب الأفغاني ومن أجل حماية الوطن الأم –أمريكا- من التهديدات الإرهابية". هذا الإعلام يقلب الحقائق فيصور الضحية إرهابيا ويصور الجاني شريفا نبيلا. لقد أدى الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق إلى مقتل مئات الألوف من المدنيين الأبرياء. أضف إلى قوة تأثير الإعلام الغربي، ضحالة ثقافة الشباب الأمريكي وجهلهم الشديد بما يدور خارج بلادهم، مما يجعل تأثير الإعلام عليهم كاملا.
سبب آخر لهذا السلوك الوحشي هو الثقافة الأمريكية التي تصدر أفلام العنف والقتل وتزين للشباب مناظر الوحشية والدم والتفنن في أشكال القتل، وحتى الألعاب الإليكترونية لا تخلو من هذا العنف الجنوني. وهناك في أفغانستان حيث يتم التعتيم الإعلامي يقوم بعض هؤلاء الجنود بالتطبيق العملي لما تشربوه من هذه الثقافة البائسة.
قد تجد من المسلمين من يزين له فكره المنحرف قتل الأبرياء، وهي قلة قليلة على كل حال. ولكنك أبدا لن تجد مسلمين يقتلون للتسلية، ويقطعون أجساد ضحاياهم "تذكارات آدمية".
د. محمد هشام راغب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]