مجرد رأي
الاعتذار عيب
أخيرا، عرفت مصر أن ثمة في معجم اللّغة العربية كلمة ''اعتذار''، لكنها وظّفتها في غير محلّها.
مصر، عن طريق سفارتها بالجزائر، تقمّصت دور الضحية، واختارت موضوع التأشيرة لتعود إلى الواجهة من بوّابة الإعلام الجزائري، وضبطت سيناريو القصة الوهمية باللّعب على وتر الاستفزاز والبيروقراطية، وافتعلت قضية لا وجود لها أصلا، دفعت بمن لديهم كرامة للردّ وعدم السكوت على التعسّف، لتقول فقط بعد كل هذا ''أريد اعتذارا''.
كنّا نظّن أن ''الاعتذار'' غير موجود أصلا في قاموس المصريين، أو أن مفهومه ودلالته اعتبر ''عيبا'' عندما تعلّق الأمر بحقائق ووقائع جرت على مرأى ومسمع العالم بأسره.
فحين رشقت حافلة المنتخب الوطني بالحجارة يوم الثاني عشر من نوفمبر من العام الماضي بالقاهرة، وحين اعتدي على أنصارنا بأرض ''الكنانة'' وحين أحرق العلم الجزائري وأسيء إلى شهداء الجزائر ورموز الثورة، نطقت مصر، أمنا وإعلاما وأنصارا وحكومة بحكم واحد وقالت ''لا اعتذار'' للجزائر.
أمام كل هذا، وجب القول لمن اختلطت عليهم المفاهيم بأن ''الاعتذار'' يكون فضيلة ويرفع من شأن صاحبه ويزيد من قيمته إذا كان في موضعه، كما نقول بأن عدم الاعتراف بالخطأ عيب والافتراء على الغير وقاحة تسقط أصحابها في مهاوي الرذيلة.
وبما أن ما صدر من قول وفعل من ''الفراعنة'' لم يتم تصنيفه في خانة ''العيب'' لديهم، فقد بات أكيدا أنهم من هواة المثل القائل ''العيب لمّا ييجي من أهل العيب، ما يبقاش عيب''، وبمعنى أدق، فإن ''مصر المحروسة'' لم تعد تنجب من يعرف قيمة ''الحياء''، أو أن هذا الصنف من الناس في مصر ''انقرض''، فهم يقولون عندهم ''إلّي اختشوا ماتوا..''
مصر جرّبت كل شيء وفشلت في كل شيء ولم تجن سوى ''العيب''، والفضائح في خلافها المفتعل مع الجزائر، وأضافت عيبا على عيب حين جعلت من ''الفيزا'' وسيلتها لكسب ''قضية خسرانة''، مثلما خسرت إعلاميا في قضية ''الأتوبيس''، وقانونيا في إدانة ''الفيفا'' لتجاوزاتها ورياضيا بمرور الجزائر إلى المونديال، وخسرت ''أم الدنيا'' تقدير كل الدنيا أيضا، لكنها رغم كل ذلك.. لم تعتذر.
واقع مصر حاليا لا ينطبق عليه لقب ''أم الدنيا'' أو''مصر المحروسة''، ففضائح ''أبنائها'' أكبر من ألقابها، وقال عنها أهلها ''يا حبيبتي يا مصر'' ونقول نحن لها ''يا عيني عليك يا مصر.''