عزيزي الزائر نرحب بك في منتديات البريج وندعوك للتسجيل معنا
عزيزي الزائر نرحب بك في منتديات البريج وندعوك للتسجيل معنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالصفحة الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأخيرة التي جاد بها أعضاؤنا<div style="background-color: FFFFFF;"><a href="http://www.rsspump.com" title="rss widget">web widgets</a></div>

 

 إنتصارات رمضانيّة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

إنتصارات رمضانيّة Empty
مُساهمةموضوع: إنتصارات رمضانيّة   إنتصارات رمضانيّة Emptyالثلاثاء أغسطس 17, 2010 5:56 am

انتصارات رمضانية


فتح مكة.. الفتح الأعظم

حرب العاشر من رمضان

فتح عمورية.. معركة ردِّ الكرامة

عين جالوت.. معركة فارقة في التاريخ الإسلامي



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

إنتصارات رمضانيّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إنتصارات رمضانيّة   إنتصارات رمضانيّة Emptyالثلاثاء أغسطس 17, 2010 5:59 am

فتح مكة.. الفتح الأعظم
رسالة الإسلام ـ علاء أبوالعينين


حُرم المسلمون ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من زيارة بيت الله الحرام وحجه والاعتمار فيه، ووقفت قريش تمنعهم حينما أرادوا ذلك في السنة السادسة من الهجرة، ورضي الرسول عليه الصلاة والسلام بالعودة إلى المدينة بعدما عَقَدَ معهم "صلح الحديبية".
وأدّت التطوُّرات والأحداث التي أعقبت صلح الحديبية إلى تغيُّرٍ في ميزان القوى بين المسلمين وقريش لصالح المسلمين، وكما يؤكِّد خبراء السياسة فإنَّ المعاهدات التي تُعقد في ظل اختلالِ موازين القوى لا بُدَّ أن تتغير عندما تتغير هذه الموازين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم -تقديراً منه لعهده وميثاقه- حافظ على ما ورد في صلح الحديبية، عالماً ومدركاً أنَّه لا بُدَّ من وقوع حادثة من جانب قريش تعصف بالصلح، وتجعل المسلمين في حلِّّ من التزاماته.
قريش تنقض العهد
وصدقت الرؤية النبوية، حيث أغارت قبيلة بكر على خزاعة في السنة الثامنة من الهجرة، وأمدَّت قريش حليفتها قبيلة "بكر" بالمال والسلاح، وقتلوا أكثر من عشرين من خزاعة حليفة المسلمين، واعتدوا عليهم رغم لجوئهم إلى الحرم.
وأمام هذا النقض الصريح للعهد ركب "عمرو بن سالم الخزاعي" في أربعين من قومه وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه النصرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نُصرت يا عمرو بن سالم!"، وأمر المسلمين بالخروج لمناصرة خزاعة.
وقد حقَّقت مساعدة النبي لخزاعة ووعده لها بالنصرة عدة أهداف، منها: أنها فرَّقت بين أن يحترم المسلمون العهود والمواثيق التي وقعوا عليها، وبين أن يعيشوا في غفلة عما يُدبِّره المهادنون لهم؛ لأنَّ وقائع التاريخ تؤكِّد أنَّ غالبية العهود ما هي إلا فترات لالتقاط الأنفاس في الصراع، كما أنَّها كشفت عن احترام المسلمين لتحالفاتهم، حتى لو كانت مع خزاعة التي لم تكن قد أسلمت بعد، وأثبتت أنَّ المسلمين جادُّون في تنفيذ بنود تحالفهم، حتى لو كلَّفهم ذلك دخول حرب، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام القبائل العربية للتحالف مع المسلمين وليس مع قريش (الغادرة)، مع خَلْقِ رأيٍ عام في الجزيرة العربية يُذيب بعض الحواجز بين هذه القبائل والإسلام، ويجعلهم يستمعون إلى القرآن الكريم دون تحيُّزٍ مسبقٍ؛ وبالتالي يكسر الحدود الوهمية بينهم وبين الإيمان.
أبو سفيان يطلب العفو
أدركت قريشٌ أنها ارتكبت خطأً استراتيجياً كبيراً بما أقدمت عليه من تقديم المال والسلاح لقبيلة بكر، وحاولت أنْ تُعالج هذا الخطأ؛ حيث انطلق زعيمها وأكبر ساستها "أبو سفيان بن حرب" إلى المدينة المنورة طلباً في العفو عن هذا الخطأ الفادح، وتجديداً للهدنة.
واستشفع أبو سفيان بكبار الصحابة مثل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، لكنَّ علياً لخَّص الموقف بقوله لأبي سفيان: "ويحك يا أبا سفيان! والله لقد عزم رسول الله على أمرٍ ما نستطيع أن نكلمه فيه"؛ فعاد أبو سفيان صفر اليدين إلى قريش.
مراعاة عنصر المفاجأة
كان فشل أبي سفيان لا يعني إلا شيئاً واحداً وهو الحرب، وجهز المسلمون جيشاً ضخماً بلغ قوامه عشرة آلاف مقاتل، وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم السرية الشديدة؛ حتى يحقِّق عنصر المفاجأة لكفار مكة، فكتم وجهة الجيش في التحرُّك عن الجميع، بما فيهم أبو بكر.
واستكمالاً لعملية التوكل التي تجمع بين دعاء الله والأخذ بالأسباب؛ قام النبي صلى الله عليه وسلم بعملية خداعٍ رائعةٍ، اقترنت بعملية تأمينٍ للمعلوماتِ وسريةِ تحرُّك الجيش، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية من ثمانية رجال بقيادة "أبي قتادة بن ربعي" إلى مكان يُسمَّى "بطن إضم"، وكان هدفها الحقيقي غير المعلنِ هو تضليل المشركين، كذلك كانت هناك وحداتٌ صغيرةٌ بقيادة عمر بن الخطاب -قوي الشكيمة- تُحقِّق في الداخلين والخارجين من المدينة المنورة، وتتحفَّظ على من سلك طريق المدينة – مكة؛ وبذلك حال دون حصول قريشٍ على أيِّ معلوماتٍ عن تجهيزات المسلمين.
وأُحبطت محاولةٌ كبيرةٌ لتسريب معلوماتٍ إلى قريشٍ حول استعدادات المسلمين، قام بها أحدُ الصحابة البدريين وهو "حاطب بن أبي بلتعة"، وتم القبض على المرأة والرسالة التي تحملها من قَبْلِهِ قَبْلَ أنْ تصل إلى قريش.
وما ارتكبه حاطبٌ خيانة عظمى عقوبتها معلومة، ولكنَّ النبي صلى الله عليه وسلم علم أنَّ الضعف الإنساني قد يُصيب بعض المسلمين رغم إيمانهم العميق؛ لذلك رفض رغبة عمر في قطع رقبة حاطب، وقال له: "وما يدريك يا عمر! لعلَّ الله قد اطلع على أهل بدر يوم بدر؛ فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، وأيَّد القرآن الكريم موقف النبي صلى الله عليه وسلم في "سورة الممتحنة" واصفاً حاطباً بالإيمان رغم ما ارتكبه.
وافق خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى فتح مكة العاشر من رمضان من السنة الثامنة للهجرة؛ فصام وصام المسلمون معه، حتى إذا بلغوا مكاناً يُسمَّى "الكديد" أفطر وأفطر المسلمون معه، ولم يزل مفطراً باقي الشهر حتى دخل مكة.
واستجاب الله تعالى دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلم تعلم قريش شيئاً عن تحرُّكات المسلمين أو نواياهم، وفي هذه الأثناء خرج العباس بن عبد المطلب بأهله مهاجراً إلى المدينة، وكان العباس هو الذي يمدُّ المسلمين بالمعلومات الاستخبارية عن نشاطات قريش منذ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.
إسلام أبو سفيان
ولم يستطع زعيم قريش أبو سفيان السكون طويلاً على هذا الوضع المقلق الذي خلقه نقض قومه لعهدهم مع المسلمين؛ فخرج يتحسَّسُ الأخبار، ففوجئ بجيش المسلمين الضخم عند مكانٍ يُسمَّى "ثنية العقاب" قُرب مكة، فأسرته قوةٌ من استطلاعات المسلمين، وهمَّ عمر بن الخطاب أن يضرب عنقه، إلا أنَّ العباس أجار أبا سفيان وأركبه خلفه على بغلته ليدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسون العفو.
رفض النبي صلى الله عليه وسلم استقبال أبي سفيان في بداية الأمر، فقال أبو سفيان: "والله ليأذنن، أو لآخذن بيد ابني هذا، ثم لنذهب في الأرض حتى نموت عطشاً أو جوعاً"، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك رقَّ له، ورحم عزيزَ قومٍ أصابته تقلُّبات الدهر، وأذن له بالدخول، ولما رآه قال له: "ويحك يا أبا سفيان! ألم يأنِ لك أنْ تعلم أن لا إله إلا الله؟!".
فَتَحَتْ هذه الكلمة من النبي صلى الله عليه وسلم قلب أبي سفيان للإسلام، وقال: "بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك!! أما هذه والله فإنَّ في النفس منها حتى الآن شيئاً"؛ فقال له العباس: "ويحك! أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، قبل أن تُضرب عُنُقُكَ"؛ فأسلم أبو سفيان.
ويكشف هذا الموقف عن روعةِ تقاسم الأدوار بين المسلمين لهداية الناس إلى الله تعالى، فإن الأقفال المغلقة للقلوب تحتاج إلى مفاتيح مختلفة تمزج بين الشدة واللين، وبين الصفح والحزم.
أَسَرَ زعيم قريش هذا المعروف النبوي، واللين في مواقف القوة والتملُّك أشدُّ وقعاً على النفوس من السيف، والأخلاق النبوية أصابت سويداء قلب هذا الزعيم القرشي بعد حربٍ ومناهضةٍ للإسلام زادت على عشرين عاماً.
حرب نفسيَّة
ولم تتوقف الدروس النبوية في حقِّ أبي سفيان عند هذا الحدِّ، بل إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أجلسه في مكانٍ يرى فيه جيش المسلمين القوي وهو يمرُّ بقوَّاته الكثيفة أمام عينيه، حتى يُزيل جميع رواسب الكفر من نفسه، وحتى يقوم أبو سفيان قائماً -دون أن يشعر- بحرب نفسية لصالح المسلمين وسط قريش، تخيفهم من قوة المسلمين، وتَحُوْلُ كلماته عن وصف هذا الجيش الكثيف دون أي محاولة قرشية للمقاومة.
وتقول روايات السيرة: إنَّ أبا سفيان لما رأى ذلك المشهد انطلق إلى قومه، وصرخ فيهم بأعلى صوته: "يا معشر قريش! هذا محمدٌ قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن".
لقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم نفسية هذا الزعيم بأن جعل له من الفخر نصيباً؛ ريثما يستقر الإيمان في قلبه، فقال: من "دخل دار أبي سفيان فهو آمن".
تفرَّق القرشيون ولزم كثير منهم دورهم، أما الباقون فلجئوا إلى المسجد؛ وبذلك نجحت خطة المسلمين في تحطيم مقاومة قريش، وخلق استعداداً عند أهل مكة ليطبِّقَ عليهم المسلمون ما يعرف في عصرنا الحالي "حظر التجوُّل"، وهو ما يمهِّد للسيطرة التامة دون مقاومة على مكة.
لقد سبق دخول النبي صلى الله عليه وسلم لمكة حرب نفسية مركَّزة ومتعدِّدة الأدوات، ومنها:
- أنَّه أمَّر كلَّ جندي في الجيش أنْ يوقد ناراً ضخمة، فأوقد من النار عشرة آلاف حول مكة طوال الليل؛ وهو ما أدخل الرعب في قلوبهم، وشتَّت أي عزيمة في المقاومة، وحرمهم النوم بالليل خوفاً من المداهمة، فأضعف استعدادهم لمواجهة المسلمين في الصباح.
- أنَّه فتح باب الرحمة والعفو لقريش قبل أن يبدأ في دخولها؛ مستحضراً في ذلك عظمة البيت الحرام، فإذا فعل المنتصر ذلك؛ فإن المقاومة تنهار.. تروي كتب السيرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم علم أنَّ "سعد بن عبادة" -وهو أحد قادة الجيش- قال: "اليوم يوم الملحمة.. اليوم تُستحلُّ الحرمة"؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعزل من قيادة الفيلق، ويتولى ابنه "قيس بن سعد".
- كانت خطة المسلمين أن يدخلوا مكة من جهاتها الأربع في وقت واحد، وهو ما يُشتِّت أيَّ احتمالات لمقاومةٍ مكيَّةٍ، ويهدم معنويات الخصم، ويُدخل اليأس إلى نفسه من جدوى المقاومة التي تُعَدُّ انتحاراً لا طائل من ورائه.
دخول مكة دون مقاومة
نجحت الخطة الاستراتيجية التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول مكة في عدم تعرُّض جيش المسلمين لمقاومةٍ تُذكر، وأسلم غالبية زعاماتهم.
لكنَّ هذا الانتصار العظيم زاد النبي صلى الله عليه وسلم تواضعاً؛ فدخل مكة وهو يركب ناقته، ويقرأ سورة الفتح، وكان يُطأطئ رأسه حتى لتكاد تمسُّ لحيته رحله شكراً لربه تعالى، ولما جاء على باب الكعبة قال: "‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثُرَةٍ أو مالٍ أو دمٍ فهو تحت قدميَّ هاتين إلَّا سِدَانَة البيت وسِقاية الحاج.. ألا وقتيل الخطأ شبه العمد -السوط والعصا- ففيه الدية مغلَّظةٌ، مائةٌ من الإبل أربعون منها في بطونها أولاد‏.‏
يا معشر قريش! إنَّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب"، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }[الحجرات:13].
ثمَّ قال:‏ "يا معشر قريش! ما ترون أني فاعل بكم‏؟‏‏ قالوا‏:‏ خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم! قال‏: ‏فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته‏:‏ { لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ }‏ اذهبوا فأنتم الطلقاء"‏.‏
ولم يمنع هذا العفو العام من إهداره لدماء بضعةَ عشر رجلاً أمر بقتلهم حتى لو تعلَّقوا بأستار الكعبة؛ لكونهم "مجرمي حرب"، وكان الوجه الآخر لهذا الأمر أنْ تبقى هذه الرؤوس التي من الممكن أنْ تكون نواة لنمو مقاومةٍ ضِدَّ المسلمين في حالة خوفٍ وحذرٍ على أنفسها، تمنعها من التحرُّك، وتفرض عليها التخفي، وكانت روعة الإسلام أنَّ غالبية هؤلاء أسلموا وحسن إسلامهم، وقَبِلَ منهم النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام.
وهكذا استسلمت مكة، وعَلَتْ كلمة الله في جنباتها، ووصل رسول الله إلى البيت العتيق، فاستلم الحجر وطاف وفي يده قوسٌ طعنَ به أصنام قريشٍ وهو يُردِّد: { جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }[الإسراء:81].
الأنصار يخشون فراق النبي
وخشي الأنصار أنْ يُفارقهم رسول الله بعد أنْ فتح الله بلده ووطنه فيُقيم فيها، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تخوُّفوه؛ فقال لهم: "معاذ الله! المحيا محياكم والممات مماتكم"، وقرَّت أعينهم بذلك واطمأنت نفوسهم.
وهكذا دخل أهل مكة في الإسلام، وذهبت القوة التي تحمي الوثنية وتُقاتل دونها، وكان ذلك إيذاناً بانتشار التوحيد في كل أرجاء الجزيرة، بل وفي كلِّ بقاع الأرض.
وظلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة طيلة رمضان، يبعث السرايا إلى الأصنام فتحطِّمها، وينقاد عُبَادها إلى دعوة الحق مذعنين؛ فقد فتح الجميع أعينهم فإذا هم أمام الأمر الواقع، حتى خُيِّلَ لهم أنَّ النصر معقود بألوية الإسلام لا ينفكُّ عنها أبداً.

--------------------------------------------------------------------------------
من مصادر المقال:
- الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، 1994م.
- من معارك المسلمين في رمضان، د. عبد العزيز بن راشد العبيدي، الرياض: مكتبة العبيكان، 1994م.
- فتح مكة.. الخطة وعبقرية التنفيذ - موقع إسلام أون لاين. نت.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

إنتصارات رمضانيّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إنتصارات رمضانيّة   إنتصارات رمضانيّة Emptyالثلاثاء أغسطس 17, 2010 6:01 am



من أهم ما حدث في شهر رمضان المبارك: ما فاجأنا وفاجأ العالم كلَّه من حَدَثٍ اهتزَّت له القلوب طرباً، وابتسمت له الثغور فرحاً، ولهجت به الألسنة ثناءً، وسجدت الجباه من أجله لله شكراً.
إنَّه الحدث الذي عوَّضنا عمَّا فوجئنا به من قبل في الخامس من يونيو 1967م، والذي خسرت به الأمة ما خسرت، وكسبت "إسرائيل" ما كسبت، وضاعت به -إلى اليوم- القدس والضفة والقطاع والجولان، بالإضافة إلى سيناء التي استردَّتها مصر فيما بعد.
وهذا الحدث الذي أحيا الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، بل الأمة الإسلامية من المحيط إلى المحيط، هو: حرب العاشر من رمضان، وأنا أحبُّ دائماً أنْ أسمِّيها معركة العاشر من رمضان، وليس السادس من أكتوبر؛ لأنَّ شهر رمضان ونفحاته وبركاته وإمداداته التي هبَّت نسماتها على الجنود والصائمين والمصلين كان له أثره في تحقيق النصر، وإمداد المقاتلين بشحنةٍ إيمانيةٍ دفعتهم إلى البذل والفداء، أما أكتوبر فليس له أي إيحاء أو دخل في هذا النصر.
ما زلت أذكر هذا اليوم المشرق، وقد خرجت من درس العصر في مسجد الشيخ خليفة، فإذا الأنباء المبشِّرة تستقبلني، وإذا الهواتف تدقُّ ولا تتوقَّف، للاتصال بي من هنا وهناك؛ مهنِّئة بما وقع، شاكرة لله تعالى الذي صدق وعده، وأعزَّ جنده، وهزم الظالمين وحده.
خفت أن نكون مخدوعين
في أول الأمر خفت أنْ نكون مخدوعين، كما خُدِعَ كثيرون أيام نكبة 5 يونيو 1967م، فقد كانت القاهرة تُذيع الأكاذيب على الناس، وتخدِّرهم بأخبار لا أساس لها: طائرات "إسرائيلية" تسقط بالعشرات، والحقيقة أنَّ طائراتنا هي التي ضُربت في مُدَرَّجاتها، ولم تَطِرْ حتى تسقط، ولكن كانت الشواهد كلها تؤكِّد أنَّ هذه حقيقة وليست حلماً، وأنها واقع وليست من نسج الخيال.
ألا ما أحلى مذاق النصر، وخصوصاً بعد تجرُع مرارة الهزيمة المذلَّة من قبل! وللأسف طالت هزائم الأمة في معارك شتى، وذرفت الدموع كثيراً على هزائمها، حيث لم تغنِ الدموع، وآن لها أنْ تجد مناسبة تفرح بها بعد حزن، وأن تضحك بعد طول بكاء.
لقد عَبَرَ الجيش المصري القناة، صنع قناطر أو جسوراً للعبور عليها، مكوَّنة من أجزاء، تُركَّب في الحال، ويُوصل بعضها ببعض؛ فتكون جسراً فوق الماء تعبر فوقه المصفَّحات والمجنزرات والدبَّابات إلى البر الآخر، وقد بُدئ بالعمل فيها منذ سنوات، ثم بدأت تجربتها، والتدريب عليها منذ شهور، في تكتُّمٍ وسريةٍ بالغةٍ، وهذا عملٌ مصري خالصٌ، لم يشترك فيه خبراء أجانب، ولهذا حُفِظَ السرُّ، ولم يَبُحْ به أحد.
بعد عبور القناة بسلام وأمان ونجاح، اقتحمت القوات المصرية ما عُرف باسم خط بارليف، الذي أقامته "إسرائيل"؛ ليكون حاجزاً ترابياً بعد الحاجز المائي، وكانت العُدَّةُ قد أُعِدَّتْ لتخطِّيه بإحكام ومهارة.
وكان كل شيء مُعدًّا بجدارة وأناة وحكمة، ولم يكن هناك شيء مرتجل، وقام كل سلاحٍ بدوره: سلاحُ المهندسين، وسلاحُ الفرسان والمدرعات، وسلاحُ الطيران؛ كلٌ قام بما هُيِّئَ له، وما كُلِّف به.
وقد اختِير التوقيت المناسب لبدء المعركة، وكان رمضان هو الوقت الملائم نفسيًّا وروحيًّا؛ لما يَمُدُّ به الجنود من نفحات، وما يعطيهم من شحنة روحية، وكان أكتوبر مناسباً من حيث المناخ، وليس فيه حرارة الصيف، ولا برد الشتاء.
وكان الوقت مناسباً من ناحيةٍ أخرى: أنَّه يوم الغفران، أو عيد الغفران عند اليهود، فلننتهز غفلتهم وانهماكهم في الاحتفال بالعيد؛ لنفاجئهم بضربتنا، كما فاجئونا بضربتهم في يونيو 67م.
ولا يُقال: كيف نباغتهم ولا ننذرهم؟ فمثل هذه الحرب لا تحتاج إلى إنذار ولا إبلاغ؛ لأنها حرب دفاعٍ للمحتل، وهي مستمرَّةٌ معه لم تتوقف.
وأهمُّ من هذا كله: الروح المعنوية التي كان يحملها المقاتل المصري، إنها روح الإيمان.. الإيمان بالله تعالى، وأنه ينصر من نَصَرَه، والإيمان بأننا أصحاب الحق، والحق لا بُدَّ أن ينتصر، والباطل لا بُدَّ أن يزهق: { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } (الإسراء: 81).
فرق بين حربَين
وفرق كبير بين هذه الحرب وحرب يونيو 67م، فقد كان العنصر الإيماني والروحي مغيَّباً عنها تماماً؛ لذلك لم يحالفها النصر.
كانت كلمة السر في حرب 67م: "بر بحر جو"، ولكنَّ الواقع يقول: إنهم لم ينتصروا في بر ولا بحر ولا جو، ولم يكن الذنب ذنب الجيش وجنوده، ولكنْ ذنب القادة الذين جرُّوهم إلى حربٍ لم يخططوا لها، ولم يُعدُّوا لها العدة، ولم يأخذوا لها الحذر كما أمر الله.
لقد ترك الجنود أسلحتهم، وتركوا دباباتهم ومصفَّحاتهم، لم يحاولوا أن يُشعلوا فيها النار بعد أن تركوها، حتى لا يغنمها العدو ويستفيد منها؛ لأنَّ همَّ كل واحد منهم كان هو النجاة بنفسه، واللياذ بالفرار.
لقد اعتمدوا على الآلات، فلم تغنِ عنهم الآلات، واتَّكلوا على السلاح فلم يُنجدهم السلاح؛ لأن السلاح لا يُقاتل بنفسه، إنما يُقاتل بيد حامله، ويد حامله إنما يُحرِّكها إيمانٌ بهدف، وإيمانٌ برسالة، وهذا لم يعبأ به الجنود.
يقول أبو الطيب:
وما تنفع الخيلُ الكرامُ ولا القنا
إذا لم يكن فوق الكرامِ كرامُ!


ويقول الطغراني في لاميته:
وعادة السيف أن يزهى بجوهره
وليس يعمل إلا في يدي بطل!


ماذا تجدي خيل بغير خَيَّالٍ، وفرسٌ بغير فارسٍ، وسيفٌ صارمٌ بغير بطلٍ؟!.
فلا عجب أنْ كانت الهزيمة الثقيلة المذلَّة في 67م؛ فهذه نتيجة منطقيَّة لمقدمتها، كما قال العرب: إنَّك لا تجني من الشوك العنب، وصدق الله إذ يقول: { وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا } (الأعراف: 58).
سُئِل الرئيس المصري حسني مبارك عندما كان نائبا للرئيس أنور السادات في 27-9-1975م.. سأله بعض الصحفيين: ماذا أخذنا من دروس 67م في الإعداد لقتال 6 أكتوبر؟ قال باختصار: في 67م لا تخطيط.. لا إعداد.. لا تدريب.. لا تنسيق بين العمل السياسي والعسكري. اهـ.
وأهمُّ من ذلك: أننا لم نزوِّد جنودنا بالإيمان، في حين تجتهد إسرائيل أنْ تزوِّد جيشها بتعاليم التوراة، وتوجيهات التلمود، ونصائح الحاخامات.
وكان من ثمرات محنة 67م: أنها أيقظت في الناس المعنى الديني، والضمير الديني، والرجعة إلى الله، وبدأت حركة إيمانية قوية في القوات المسلحة، وكان الحرص على إقامة الصلاة، وقام وعَّاظ الأزهر بدورهم في التنبيه والإحياء، وكان هناك شعور عام بالحاجة إلى الله، والدعاء بنصر الله، فلا غَرْوَ أنْ كان شعار المعركة "الله أكبر".
إنَّ الجندي المصري في 73م هو نفسه في 67م من حيث الشكل والمظهر، ولكنه غيره من حيث الباطن والجوهر، إنَّ الإنسان إنما يُقاد من داخله لا من خارجه، ولا يقود الناس في بلادنا شيء مثل الإيمان، ولا يحرِّكهم محرِّكٌ مثل الإيمان.
وهذا ما لم تفهمه قيادة 67م، فقد عزفوا على منظومة القومية، ومنظومة الاشتراكية، ومنظومة الثورية، فلم تحرِّك ساكناً، أو تُنبه غافلاً في الجندي المصري، أو الجندي العربي عموماً.
ولكنك إذا حرَّكته بـ"لا إله إلا الله والله أكبر".. إذا رفعت أمامه المصحف.. إذا قلت: يا ريح الجنة هبي.. إذا ذكَّرته بالله ورسوله، وذكرته بالأبطال العظام: خالد وأبي عبيدة وسعد وطارق وصلاح الدين وقطز وعبد القادر الجزائري، وعمر المختار؛ فقد خاطبت جوانيته، ودخلت في أعماقه، وأوقدت جذوته، وحرَّكت حوافزه، وبعثت عزيمته، وهنا لا يقف أمامه شيء، إنَّه يصنع البطولات، ويتخطَّى المستحيلات؛ لأنه باسم الله يتحرك، وباسم الله يمضي، وعلى الله يتوكل: { وَمَنْ يَتَوَكلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } (الطلاق: 3)، { وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (آل عمران: 101).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

إنتصارات رمضانيّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إنتصارات رمضانيّة   إنتصارات رمضانيّة Emptyالثلاثاء أغسطس 17, 2010 6:04 am







وقع في عهد الخليفة المأمون فتنةٌ عظيمةٌ كادت أنْ تودي بالخلافة الإسلامية العباسية، وقادها بابك الخُرَّمي، وكان زعيمَ فرقةٍ ضالةٍ، تُؤمن بالحلول وتناسخ الأرواح، وتدعو إلى الإباحية الجنسية.
وبدأت تلك الفتنة تُطِلُّ برأسها في أذربيجان، ثمَّ اتسع نطاقها لتشمل همدان وأصبهان، وبلاد الأكراد وجرحان، وحاول المأمون أنْ يقضي عليها؛ فأرسل الحملات تَتْرى؛ لقمع تلك الفتنة، لكنه تُوفي دون أن يُحقق نجاحاً، وانتقلت مهمة القضاء على هذه الفتنة إلى الخليفة المعتصم بالله الذي أعانة الله فأخمدها وأسر قائدها وقتله.
الروم في بلاد الإسلام
وكان من نتائج هذه الفتنة أنِ اتَّصل قادتها -وعلى رأسهم بابك- بإمبراطور الروم يستحثُّونه، ويطلبون منه مهاجمة الخلافة الإسلامية العباسية التي انشغلت بقتالهم، وكان مما قالوه له: إنَّ المعتصم لم يُبْقِ على بابه أحدٌ، فإنْ أردت الخروج إليه فليس في وجهك أحدٌ يمنعك.
واستجاب ملك الروم "توفيل ميخائيل" لاستغاثة بابك، وجهَّز جيشاً يزيد قُوامه على مائة ألف جندي، وسار به إلى بلاد الإسلام، فهاجم المدن والقرى يقتل ويأسر ويمثِّل، وكانت مدينة ملطيَّة من المدن التي خرَّبها الملك توفيل، حيث قتل الكثير من أهلها، وأسر نساءها المسلمات، حتى أنَّ عددهن بلغ ألف امرأة، وكان يمثِّل بالمسلمين فيقطع آذانهم وأُنوفهم، ويَسْمِلُ أعينهم.
وكان من بين الأسيرات امرأة هاشمية تُدعى "شراة العلوية"، استغاثت بالخليفة المعتصم في أسرها، ونقل ذلك إليه؛ فلبى استغاثتها.
كما أنَّ المسلمين جميعاً في سائر الأمصار ضجُّوا واستغاثوا في المساجد والديار، ودخل إبراهيم بن المهدي على المعتصم، فانشده -قائماً- قصيدةً طويلة يذكر فيها ما نزل بالمسلمين، ويحضُّه على الانتصار، ويحثُّه على الجهاد، ومنها:
يا غارة الله قد عاينت فانتهكـي

هتك النساء وما فيهن يرتكـب

هبَّ الرجال على أجرامها قُتلت

ما بال أطفالها بالذبـح تنتهـب


فخرج المعتصم من فوره نافراً، عليه درَّاعةٌ من صوفٍ بيضاء، وقد تعمَّم بعمامة الغزاة، وعسكر غربي دجلة، وأرسل طائفة من الأمراء ومعهم جيش كبير إعانة عاجلة للمسلمين، وساروا إلى تلك الديار؛ فوجدوا الروم قد انسحبوا، حينئذ عادوا للمعتصم رحمه الله.
المعتصم يقصد عمُّوريَّة
ولم يكن خليفة المسلمين ليسكت على ما حلَّ بالمسلمين، وكيف يسكت وأصوات الاستغاثات لا زالت تتردَّد أصداؤها في أذنيه، وأسرى المسلمين مع الروم؛ ولذا جمع الأمراء وسألهم: أيُّ بلاد الروم أمنع وأحصن؟ قالوا: عمُّوريَّة، لم يعرض لها أحدٌ من المسلمين منذ كان الإسلام، وهي عندهم أشرف من عاصمتهم القسطنطينية (بيزنطة)؛ فقال: هي هدفنا.
وبدأ الخليفة يستعدُّ، فاستدعى الجيوش وتجهَّز جهازاً قيل: إنَّه لم يتجهَّز قبله بمثله، ولا غرو في ذلك؛ فالهدف عظيم، وقد أراد الله أن يجعلها حاسمة لا تقوم للروم بعدها قائمة، بل إنَّ أهدافه تعدَّت مجرَّد الأخذ بالثأر وتأديب الروم إلى فتح بلادهم كلها وضمِّها للمسلمين.
خرج المعتصم إلى عمُّوريَّة في (جمادى الأولى 223هـ= إبريل 838م)، ولم تكن من عادة الحملات الكبرى الخروج في ذلك الوقت، غير أنَّ الخليفة كان متلهِّفاً للقاء، ورفض قبول توقيت المنجِّمين الذين تنبَّئوا بفشل الحملة إذا خرجت في هذا التوقيت.
وسار المعتصم في جحافل أمثال الجبال، وبعث الأمراء إلى مناطق الثغور، ووصل إلى قُرب طرطوس، وعند "سروج" قَسَّمَ المعتصم جيشه الجرَّار إلى فرقتين:
الأولى بقيادة الأفشين، ووجهتها أنقرة، وسار هو بالفرقة الثانية، وبعث "أشناس" بقسم منها إلى أنقرة، ولكن من طريقٍ آخر، وسار هو في إثره، على أن يلتقي الجميع عند أنقرة.
معركة دزمون
علم المعتصم من عيونه المنتشرين في المنطقة أنَّ إمبراطور الروم قد كمن شهراً لملاقاة الجيش الإسلامي على غرَّة، وأنَّه ذهب لمفاجأة الأفشين، وحاول الخليفة أنْ يُحَذِّرَ قائده، لكنه لم يستطع، واصطدم الأفشين بقوات الإمبراطور عند "دزمون"، وألحق الأفشين بإمبراطور الروم هزيمة مدوِّية في (25 من شعبان 223 هـ = 838م)، ولم يَحُلْ دون النصر الضباب الكثيف الذي أحاط بأرض المعركة أو المطر الغزير الذي انهمر دون انقطاع، وهرب الإمبراطور إلى القسطنطينية، وبقي قسم من جيشه في عمُّوريَّة بقيادة خاله "مناطس" حاكم "أناتوليا".
دخلت جيوش المعتصم أنقرة التي كانت قد أُخليت بعد هزيمة الإمبراطور، وتوجَّهت إلى عمورية فوافتها بعد عشرة أيام، وضربت عليها حصاراً شديداً.
حصار عمورية
بدأ الحصار في (6 رمضان 223هـ = 1 أغسطس 838م)، وكانت عمورية مدينة عظيمة جداً، ذات سور منيع وأبراج عالية كبار كثيرة، وقد تحصَّن أهلها تحصُّناً شديداً، وملئوا أبراجها بالرجال والسلاح، ولكنَّ ذلك لم يَفُتَّ في عضد المسلمين.
في الوقت نفسه بعث إمبراطور الروم برسوله يطلب الصلح، ويعتذر عمَّا فعله جيشه بمدينة ملطية، وتعهَّد بأن يبنيها ويردَّ ما أخذه منها، ويُفرج عن أسرى المسلمين الذين عنده، لكنَّ الخليفة رفض الصلح، ولم يأذن للرسول بالعودة حتى أنجز فتح عمورية.
ابتدأت المناوشات بتبادل قذف الحجارة ورمي السهام فقُتل كثيرون، وكان يمكن أنْ يستمرَّ هذا الحصار مدة طويلة، لولا أنَّ أسيراً عربياً قد أسره الروم دلَّ الخليفة المعتصم على جانبٍ ضعيفٍ في السور، فأمر المعتصم بتكثيف الهجوم عليه حتى انهار، وانهارت معه قوى المدافعين عنه بعد أن يئسوا من المقاومة.
دخول عمورية
ودخل المعتصم وجنده مدينة عمورية في (17 رمضان 223هـ= 12 أغسطس 838م)، وتكاثر المسلمون في المدينة وهم يكبرون ويهلِّلون، وتفرَّقت الروم عن أماكنها، فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان، ولم يبقَ في المدينة موضعٌ محصَّنٌ سوى المكان الذي يجلس فيه نائبها مناطس، وهو حصن منيع، فركب المعتصم فرسه، وجاء حتى وقف بحذاء الحصن، فناداه المنادي: ويحك يا مناطس! هذا أمير المؤمنين واقف تجاهك، فقالوا: ليس بمناطس ههنا مرتين، فرجع الخليفة ونصب السلالم على الحصن، وطلعت الرسل إليه، وقالوا له: ويحك! أنزل على حكم أمير المسلمين، فتمنَّع، ثم نزل متقلداً سيفه، فوضع السيف في عنقه، ثمَّ جيء به حتى أُوقف بين يدي المعتصم، فضربه بالسوط على رأسه، ثمَّ أمر به يمشي إلى مضرب الخليفة مهاناً.
وهكذا فتح المسلمون مدينة عمورية، وأخذوا منها أموالاً كثيرة، وأسروا أعدداً من الروم افتُدِيَ بها أسرى المسلمين.
وكان من أهداف المعتصم أنْ يستمرَّ في الجهاد حتى يفتح عاصمة الروم القسطنطينية، لكن هذا المشروع لم يُقيَّضْ له أن يُنفَّذْ، بعد أن اكتشف المعتصم مؤامرةً للتخلُّص منه دَبَّرها بعض أقربائه، كما أنَّ فتح القسطنطينية يحتاج إلى قوى بحرية كبيرة لم يكن يملكها ساعتها؛ فتوقَّف المشروع إلى حين.
وخلَّد المؤرخون اسم هذا الخليفة المسلم؛ لِما قام به من نجدة المسلمين والدفاع عنهم، كما خلَّده الشعراء، وعلى رأسهم أبو تمام حبيب بن أوس.

--------------------------------------------------------------------------------
من مصادر المقال:
- من معارك المسلمين في رمضان، د. عبد العزيز بن راشد العبيدي، الرياض: مكتبة العبيكان، 1994م.
فتح عمورية.. السيف أصدق إنباء، إسلام أون لاين. نت.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

إنتصارات رمضانيّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إنتصارات رمضانيّة   إنتصارات رمضانيّة Emptyالثلاثاء أغسطس 17, 2010 6:10 am




تعرَّض العالم الإسلامي في النصف الأول من القرن السابع الهجري لهجمةٍ وثنيةٍ شرسةٍ، قام بها المغول الوثنيون بتحريضٍ من النصارى الصليبيين.
وكانت حالة العالم الإسلامي في ذلك الوقت سيئة جداً، فعلى الرغم من وجود الخلافة العباسية في بغداد إلا أنها كانت جسداً بلا روح، فلا سلطة لها ولا هيبة، وقد تفكَّك العالم الإسلامي إلى دويلاتٍ وإماراتٍ لا يربطها رابط، فالكل مشغول بتثبيت حكمه أو إماراته، كما أنَّ المجتمع الإسلامي قد أصابه الفساد وتفشَّت فيه الأمراض الخلقية، وبَعُدَ الناس عن تعاليم الإسلام، وخَبَتْ روح الجهاد في النفوس؛ فكان ذلك عاملاً مساعداً سهَّل على المغول مهمَّة اجتياح بلاد الإسلام.
البداية من الصين
انطلق الطاغية المنغولي هولاكو جنكيز خان من الصين شرقاً عام (651هـ = 1253م)، وذلك على رأس حملة جرَّارة، تضمُّ مائةً وعشرين ألف جندي من خيرة جنود المغول، المدرَّبين تدريباً عالياً على فنون القتال والنزال، والمزوَّدين بأسلحةِ الحرب وأدوات الحصار، تسبقهم شهرتهم المرعبة في القتل وسفك الدماء، ومهارتهم الفائقة في الحرب، وشجاعتهم وقوَّة بأسهم في ميادين القتال.
واتَّجه جيش المغول نحو الممالك الإسلامية غرباً، واصطدموا بالدولة الخوارزمية؛ فأسقطوها، ثمَّ أخذت المدن الإسلامية تتهاوى في أيديهم الواحدة تلو الأخرى، فسقطت أترار، وبخارى، وسمرقند، وجرجانية.
سقوط الخلافة العباسية
وصل المغول إلى بغداد، وضربوا حصاراً عليها، ولم يكن للخلافة العباسية في بغداد قدرة على مواجهة هذه الجيوش الجرارة؛ فاستسلمت في خنوعٍ إلى الغازي الفاتك الذي دخلها في (4 صفر 656 هـ = 10 فبراير 1258م)، واستباح جنوده المدينة المنكوبة، وقتلوا أعداداً كبيرة جداً من المسلمين قدَّرها بعض المؤرخين بنحو ثمانمائة ألف شخص، ولم يكن خليفة المسلمين وأسرته بأسعد حالٍ من أهالي المدينة، حيث لقوا حتفهم جميعاً، وأضرم التتار النار في أحياء المدينة، وهدموا مساجدها وقصورها، وخرَّبوا مكتباتها، وأتلفوا ما بها من تراثٍ إنساني، وأصبحت المدينة التي كانت عاصمة الدنيا وقبلة الحضارة أثراً بعد عين.
الأوضاع في بلاد الشام
وكانت المرحلة الثانية هي بلاد الشام التي كانت تُعاني من ضعفٍ وتشرذمٍ كبير، حيث كان الأيوبيون يحكمون أجزاء كبيرة منها، ولم تكن العلاقات بينهم ودِّية، رغم انتسابهم إلى بيت واحد وأسرة كريمة هي أسرة صلاح الدين الأيوبي، وبدلاً من أنْ توحِّدَهُم المحنة وتجمع بين قلوبهم، ويقفوا صفاً واحداً، هَرْوَلَ بعضهم إلى هولاكو يعلن خضوعه له، مثلما فعل الناصر يوسف الأيوبي صاحب دمشق وحلب، وكان أقوى الأمراء الأيوبيين، وأكثرهم قدرة على مواجهة هولاكو لو رغب، لكنَّه لم يفعل، وأرسل ابنه العزيز إلى هولاكو يحمل إليه الهدايا، ويُعلن خضوعه له، ويطلب منه أنْ يُساعده على الاستيلاء على مصر، وتخليصها من حكم دولة المماليك الناشئة التي انتزعت الملك من بيته.
لكنَّ هولاكو رأى في عدم قدوم الناصر إليه بنفسه استهانة به، فكتب إليه رسالة غاضبة يأمره بالإسراع إليه، وتقديم آيات الولاء والخضوع دون قيد أو شرط؛ فانزعج الناصر، وأدرك أنَّ مسعاه قد خاب، واستعد استعدادَ الخائف لمواجهة المغول، وبعث بأسرته إلى مصر.
سقوط حلب واستسلام دمشق
خرج هولاكو في رمضان (657هـ = 1295م) من عاصمة دولته مراغة في أذربيحان، متَّجهاً إلى الشام، ومعه حلفاؤه من أمراء جورجيا وأرمينيا، يقود طلائعه قائده "كيتوبوقا" أو "كتبغا"، متَّجهين إلى الشام، وكانت ميافارقين بديار بكر أول ما تبتدئ به الحملة الغازية، فصمدت المدينة للحصار مدة طويلة دون أنْ يُفلح المغول في اقتحامها، غير أنَّ طول الحصار، ونفاد المؤن، وانتشار الأوبئة، وهلاك معظم السكان؛ دفع إلى استسلام المدينة.
وفي أثناء الحصار كانت جيوش المغول تستولي على المدن المجاورة؛ فسقطت ماردين، وحران، والرها وسروج والبيرة، ثم واصل الجيش زحفه إلى حلب وحاصرها حصاراً شديداً، حتى استسلمت في (9 صفر 658هـ- 25 يناير 1260م)، وأباح هولاكو المدينة لجنوده سبعة أيام؛ فعاثوا فيها فساداً، ونشروا الخراب في كل أرجائها، ولم تكد تصل هذه الأنباء المفجعة إلى دمشق حتى آثر أهلها السلامة بعد أن فرَّ حاكمها الناصر يوسف الأيوبي، وسارعوا إلى تسليم المدينة، وشاءت الأقدار أنْ يُغادر هولاكو الشام، ويعود إلى بلاده تاركاً مهمة إكمال الغزو لقائده "كيتوبوقا"، فدخل دمشق في (15 ربيع الأول 658هـ= 1 من مارس 1260م.
الأوضاع في مصر
بعد سقوط الشام أصبح الدور على مصر والحجاز، وكان المماليك المسلمون يحكمون مصر، وهم طائفة ممن جُلِبَ إلى بلاد الإسلام، وبيعوا فيها فاعتنقوا الإسلام، وكثر عددهم؛ حتى أصبح الأمر في أيديهم، كانوا لا يعرفون لهم أصلاً ولا موطناً إلا الإسلام، وبلاد الإسلام، فأخلصوا في خدمة هذا الدين، وتحملوا واجب الدفاع عنه فترةً طويلةً من الزمن.
وكان من نتيجة غزو المغول للشام أنْ فرَّ كثير من أهل الشام إلى مصر التي كانت تحت سلطان دولة المماليك، ويحكمها سلطانٌ صبيٌ هو الملك "المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك"، وفي هذه الأثناء بعث الملك الناصر يوسف الذي أفاق بعد فوات الأوان برسولٍ إلى مصر يستنجد عساكرها للوقوف ضِدَّ الزحف المغولي، وكانت أخبار المغول قد انتشرت في مصر وأحدثت رُعباً وهلعاً.
ولما كان سلطان مصر غير جديرٍ بتحمل مسئولية البلاد في مواجهة الخطر القادم، فقد أقدم نائبه "سيف الدين قطز" على خلعه؛ محتجاً بأنه لا بد من سلطان قاهرٍ يُقاتل هذا العدو، والملك الصبي صغيرٌ لا يعرف تدبير المملكة، ولم يجد قطز معارضةً لما أقدم عليه؛ فالخطر محدق بالبلاد، والسلطان قد ازدادت مفاسده، وانفضَّ الجميع من حوله.
بدأ السلطان قطز يوطِّدُ أركان دولته، ويثبت دعائم حكمه، فعيَّن من يثق فيهم في مناصب الدولة الكبيرة، وقبض على أنصار السلطان السابق، وأخذ يستعدُّ للجهاد وملاقاة المغول، وسمح برجوع بعض أمراء المماليك من خصومه وكانوا بالشام، وعلى رأسهم بيبرس البندقداري، فرحَّب به، وأحسن معاملته، وأقطعه قليوب ومناطق الريف المجاورة لها، وأغرى قوات الناصر يوسف الأيوبي -الذي فرَّ من دمشق وطلب نجدة المماليك بمصر- بالانضمام إلى جيشه، وكانت بالقرب من غزة؛ فاستجابت لدعوته.
إعلان الجهاد
وفي تلك الأثناء وصلت رسل هولاكو إلى القاهرة تحمل خطاباً تقطر كبراً وغطرسةً، ويمتلئ بالتهديد والوعيد، ومما جاء فيه: ".. إنَّا جند الله في أرضه، خَلَقَنَا من سخطه، وسلَّطنا على من حلَّ به غضبه، فلكم بجميع الأمصار مُعتبر، وعن عزمنا مُزدجر؛ فاتعظوا بغيركم، وسلِّموا إلينا أمركم؛ فنحن لا نرحم من بكى، ولا نرقُّ لمن شكا.. فما لكم من سيوفنا خلاص ولا من أيدينا مناص، فخيولنا سوابق، وسيوفنا صواعق، ورماحنا خوارق".
وأمام هذا الوعيد والغطرسة من طاغية المغول عقد السلطان قطز مجلساً من كبار الأمراء، واستشار قومه ماذا يفعل؟ أيردُّ رداً جميلاً، ويرسل الهدايا، ويهادن ويلاطف، أم يقف موقفاً حاسماً ويستعدُّ للمنازلة والصراع؟!
كان رأي غالب الأمراء يميل للمهادنة، إلا أنَّ قطز كان لديه من الغزوة الإسلامية ما منعه من ذلك؛ فتوكل على الله سبحانه وتعالى ووقف موقفاً حاسماً، فإما حياةٌ بعزَّةٍ، ونصر للإسلام، وإما شهادة يفوز بها فيعذر، وأصدر أمره بقتل رُسُلِ المغول والاستعداد للقتال، وعُلِّقت الرءوس على أبواب القاهرة، وكان هذا التصرف إعلاناً للحرب وإصراراً على الجهاد.
وسَرَتْ في المسلمين روح العزة، واشتاقت النفوس للجهاد، كيف يتجرَّأ قطز على قتال المغول؟!!
لقد ترسَّخ في أذهان المسلمين أنَّ المغول قومٌ لا يُهزمون؛ فكُسرت هذه القاعدة، واهتزَّت تلك الصورة، ونادى منادي الجهاد أنْ حيَّ على الجنة.. حيَّ على الشهادة، وبدأت تجتمع الجموع، ولكن لا يزال من الأمراء والممالك من يرى أنَّ الجهاد وقتال المغول محسومُ النتيجة، ومصيره الهزيمة؛ فآثر الاستسلام، ولكن إيمانُ قطز وحماسه وحبه للجهاد دفعه إلى أن يقف خطيباً ليقول: "يا أمراء المسلمين! لكم زمانٌ تأكلون من بيت مال المسلمين وأنتم للجهاد كارهون، فإني سائر، ومن أراد فليتبعني، ومن أراد فليتخلَّف وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين".
نعم! إن المجال مجال الجهاد، فلا سلطان ولا أمر ولا نهي، لكنَّ العقيدة والإيمان هما المحرِّكان والمؤثِّران، وكان لهذه الكلمات فعلُ السحر في نفوس المماليك؛ فتدافعوا جميعاً ولم يتخلَّف منهم أحد.
وبدأ قطز يعمل على حشد الجيوش، وجمع الأموال اللازمة للإنفاق على الاستعدادات والتجهيزات العسكرية، وقبل أنْ يفرض ضرائب جديدة على الأهالي جمع ما عنده وعند أمرائه من الحلي والجواهر، واستعان بها في تجهيز الجيش؛ استجابة لفتوى الشيخ "العز بن عبد السلام" أقوى علماء عصره.
الخروج لملاقاة المغول
وبعد اكتمال صفوف المسلمين أراد قطز أنْ يُهاجم المغول، ولا ينتظر حتى يهاجموه، وفي (رمضان 658هـ= أغسطس 1260م) خرج من مصر على رأس الجيوش المصرية ومن انضم إليه من الجنود الشاميين وغيرهم، وترك نائباً عنه في مصر هو الأتابك فارس الدين أقطاي المستعرب، وأَمَرَ الأمير بيبرس البندقداري أنْ يتقدَّم بطليعةٍ من الجنود ليكشف أخبار المغول، فسار حتى لقي طلائع لهم في غزة، فاشتبك معهم، وألحق بهم هزيمةً كان لها أثر في نفوس جنوده، وأزالت الهيبة من نفوسهم، ثم تقدَّم السلطان قطز بجيوشه إلى غزة، فأقام بها يوماً واحداً، ثم رحل عن طريق الساحل إلى عكا، وكانت لا تزال تحت سيطرة الصليبيين، فعرضوا عليه مساعدتهم، لكنه رفض واكتفى منهم بالوقوف على الحياد، وإلا قاتلهم قبل أنْ يُقابل المغول، ثم التقى قطز الأمير بيبرس عند عين جالوت بين بيسان ونابلس.
وكان الجيش المغولي يقوده كيتوبوقا بعد أنْ غادر هولاكو الشام إلى بلاده للاشتراك في اختيار خاقانٍ جديدٍ للمغول، وجَمَعَ القائد الجديد قواته التي كانت قد تفرَّقت ببلاد الشام في جيشٍ موحَّدٍ، وعَسْكَرَ بهم في عين جالوت.
اللقاء المرتقب
اقتضت خطة السلطان قطز أنْ يُخفي قواته الرئيسة في التلال والأحراش القريبة من عين جالوت، وألا يَظهر للعدو المتربص سوى المقدمة التي كان يقودها الأمير بيبرس.
وفي الساعة المحددة وفي صباح يوم الجمعة (25 رمضان 658هـ= 3 سبتمبر 1260م) التقى الجيشان: جيش قوي منتصر ومندفع، وجيش ينتمي لأمةٍ منهزمةٍ مكلومةٍ، ولكنَّ عزة الإسلام وأثر العقيدة قد تحرَّكتْ في النفوس؛ فتغلَّبت على عوامل الضعف.
اشتبك الفريقان، وانقضت قوات المغول كالموج الهائل على طلائع الجيوش الإسلامية؛ حتى تحقَّق نصراً خاطفاً، وتمكَّنت بالفعل من تشتيت ميسرة الجيش، غير أنَّ السلطان قطز ثَبَتَ كالجبال، وصرخ بأعلى صوته: "واإسلاماه!"، فعمَّت صرخته أرجاء المكان، وتوافدت حوله قواته، وانقضُّوا على الجيش المغولي الذي فوجِئ بهذا الثبات والصبر في القتال، وهو الذي اعتاد على النصر الخاطف؛ فانهارت عزائمه، وارتدَّ مذعوراً لا يكاد يُصدِّقُ ما يجري في ميدان القتال، وفرَّ المغول هاربين إلى التلال المجاورة بعد أنْ رأوا قائدهم كيتوبوقا يسقط صريعاً في أرض المعركة.
ولم يكتفِ المسلمون بهذا النصر، بل تتبَّعوا الفلول الهاربة من جيش المغول التي تجمَّعت في بيسان القريبة من عين جالوت، واشتبكوا معها في لقاءٍ حاسمٍ، واشتدَّت وطأة القتال، وتأرجح النصر، وعاد السلطان قطز يصيح صيحةً عظيمةً سمعها معظم جيشه وهو يقول: "واإسلاماه!" ثلاث مرات، ويضرع إلى الله قائلا: ".. يا الله!! انصر عبدك قطز".
واستجاب الله لهذا الدعاء، وما هي إلا ساعةٌ حتى مالت كفَّة النصر إلى المسلمين، وانتهى الأمر بهزيمةٍ مدويةٍ للمغول لأول مرة منذ عهد جنكيز خان، ثم نزل السلطان عن جواده، ومرَّغَ وجهه على أرض المعركة وقبَّلها، وصلى ركعتين شكراً لله.
نتائج حاسمة
وتمخَّضت هذه المعركة عن نتائج حاسمة على الأمة الإسلامية، بل على العالم أجمع، فلقد طُهِّرَتْ أكثر بلاد المسلمين من المغول، وأصبح المسلمون في موقع المنتصر المؤثِّر؛ فبدأ دخول المغول في الإسلام، وأَوقفت هذه المعركة المدَّ المغولي الذي كان يستهدف بقيَّة بلاد المسلمين، ومن ثمَّ العالم أجمع.
وكان هذا النصر إيذاناً بخلاص الشام من أيدي المغول؛ إذ أسرع ولاة المغولِ في الشام بالهرب، فدخل قطز دمشق على رأس جيوشه الظافرة في (27 رمضان 658 هـ)، وبدأ في إعادة الأمن إلى نصابه في جميع المدن الشامية، وترتيب أحوالها، وتعيين ولاةٍ لها، وكانت النتيجة النهائية لهذه المعركة هي توحيد مصر وبلاد الشام تحت حكمِ سلطان المماليك على مدى ما يزيد عن نحو مائتين وسبعين سنة.
وهكذا سجَّل القائد المسلم (المظفر قطز) نصراً للأمة الإسلامية، وانتشلها من الضعف والانهيار إلى القوة والنصر، وكان ما يزال شاباً يافعاً؛ ليضرب بذلك مثلاً لشباب المسلمين ولأمة الإسلام أنَّ النصر دائماً معهم إنْ هُمْ وَفَّوا بشروطه، وأهمُّها الالتفاف حول عقيدة الإسلام.

--------------------------------------------------------------------------------
من مصادر المقال:
- من معارك المسلمين في رمضان، د. عبد العزيز بن راشد العبيدي، الرياض: مكتبة العبيكان، 1994م.
- عين جالوت.. واإسلاماه!! - موقع إسلام أون لاين. نت.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إنتصارات رمضانيّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قطوف رمضانيّة
» تواقيع رمضانيّة
» نصيحة رمضانيّة
» فتاوى رمضانيّة
» أناشيد رمضانيّة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ~¤ô§ô¤~المنتدى الاسلامي~¤ô§ô¤~ :: القسم الاسلا مي-
انتقل الى: