معاناة لاجئ

الرحيل'، 'لاجئون مدى الحياة'، 'عدسات مفتوحة' و'شمعة لمقهى الشاهبندر': أربعة أفلام تعاين وجع اللاجئين بمناسبة يومهم العالمي
سميرة عوض

عمان ـ ' القدس العربي' ـ انطلقت في العاصمة الأردنية عمان فعاليات الأسبوع الخاص للاحتفال باليوم العالمي للاجئين الذي يصادف العشرين من حزيران ( يونيو) من كل عام تحت شعار ' أخذوا بيتي...لكنهم لن يأخذوا مني مستقبلي'، والأسبوع الذي ينظمه مكتب عمان للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالتعاون مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، يقدم أفلاماً وثائقية وتسجيلية تتناول هموم اللاجئين والمشكلات التي يواجهونها، تركز على مسألة اللاجئين العراقيين والفلسطينيين. تتضمن الاحتفالية أربعة أفلام تسجيلية، تعاين تطلعات وهموم أفراد وجماعات في فلسطين والعراق جراء تلك التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أجبرتهم على مغادرة وطنهم صوب المنفى. وبصورة إنسانية عاينت الاحتفالية التي حضرتها مجموعة من السفراء العرب والأجانب ومدير عام مفوضية اللاجئين في عمان وجمهور كبير وقائع حقيقية نتج عنها انكسار لأحلام وذكريات لأفراد وجماعات تحت وطأة العنف والاحتلال. حكاية ' يوم اللاجئ العالمي' ويذكر أن ' يوم اللاجئ العالمي' أو ' اليوم العالمي للاجئين' بدأ الاحتفال به في العام 2000 بعد قرار من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع من كانون الأول ( ديسمبر) من نفس السنة، كما نوه القرار أن تاريخ 2001 كان ليوافق الذكرى الخمسين لإعلان اتفاقية جنيف المتعلقة بوضع اللاجئين، فيما احتفل به للمرة الأولى في العام 2001 . وتم اختيار يوم 20 حزيران ( يونيو) لتزامنه مع الاحتفال مع يوم اللاجئين الأفريقي الذي تحتفل به عدة بلدان أفريقية. ويخصص لاستعراض هموم وقضايا ومشكلات اللاجئين والأشخاص الذين تتعرض حياتهم في أوطانهم للتهديد، وتسليط الضوء على معاناتهم وبحث سبل تقديم المزيد من العون لهم وذلك برعاية من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR). ' لاجئون مدى الحياة' يعاين فيلم ' لاجئون مدى الحياة' تجارب ثلاث عائلات فلسطينية من اللاجئين المقيمين في مدينة صور في جنوب لبنان بالإضافة إلى ناشط في مجال حقوق الإنسان، ممعناً النظر في معاناتهم اليومية ومتأملاً آمالهم بالتواصل مع أقربائهم في ألمانيا، بالإضافة إلى أملهم في العودة يوماً ما إلى فلسطين. وهو ' فيلم' يرينا ما لا نعرفه عن الفلسطينيين في لبنان. الفيلم استهل فعاليات الأسبوع ورعاه مندوبا عن الأميرة ريم العلي أمين عام وزارة الثقافة الشاعر جريس سماوي، جاء بمناسبة يوم اللاجئ العالمي. والفيلم إخراج هادي زقاق، لبنان، وثائقي، بالعربية مع ترجمة إلى الإنكليزية، 48 دقيقة، 2006، مقابلات الفيلم جاءت باللونين الأبيض والأسود مع هذه العائلات، لإبراز حقيقة واقعهم المعيشي، كما وصورت منازلهم التي تفتقر إلى أدنى الأساسيات وشروط المسكن الصحي الملائم. كما يستطلع زقاق أيضا حقيقة الخلفيات القانونية والسياسية التي تحرم اللاجئ الفلسطيني في هذه المخيمات من تحسين المكان الذي يسكن فيه، وتحرمه من التملك أو إجراء أي تعديل أو إصلاح عليه، أو إضافة أجزاء عليه حتى ولو تعرض للخراب، وفي حال تم ذلك يخضعون للمساءلة القانونية على الرغم من اهتمام الأونروا بهم. كما يظهر الفيلم صعوبة الأوضاع الإنسانية التي يتعرض لها اللاجئون، وصعوبة تواصلهم مع أسرهم في الخارج، فضلا عن تركهم للدراسة والانخراط في العمل لتأمين لقمة العيش. ويناقش الفيلم الحياة اليومية الصعبة لعائلات من اللاجئين في مدينة صور بجنوب لبنان من خلال عين ناشط في حقل حقوق الإنسان يتتبع آمال هذه العائلات في التواصل مع باقي أفرادها الموزعين في المانيا ويتطلعون إلى حقهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها منذ العام 1948 . ويشار أن زقاق يحمل شهادة الماجستير في الإخراج من معهد الدراسات المسرحيّة والسمعيّة المرئيّة والسينمائيّة / جامعة القدّيس يوسف/ بيروت، وهو أستاذ في معهد الدراسات المسرحية والسمعية المرئية والسينمائية في جامعة القديس يوسف منذ العام 1998، يدرّس الإخراج وتاريخ السينما وأنواع الأفلام، أخرج وكتب عددا من الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقيّة عرضت في مهرجانات سينمائية وحازت على جوائز. وله كتاب بالفرنسية عن تاريخ السينما في لبنان. ' عدسات مفتوحة في العراق' عايشت مخرجة فيلم ' عدسات مفتوحة' إخراج ميسون الباجه جي، مجموعة من النساء الآتيات من خمس مدن عراقية مختلفة في منزل تقليدي في دمشق قبل أن يعدن إلى بلدهن لتصوير قصصهن المصورة، والفيلم إنتاج العراق/ المملكة المتحدة، وثائقي، بالعربية مع ترجمة إلى الإنكليزية، 102 دقيقة، 2008، ويبحث في الطريقة التي يقاوم بها الأشخاص المصدومون والمهمشون مسألة انهيار عالمهم، مؤكدين وجودهم عن طريق العمل الإبداعي. قامت المصورة الصحافية البريطانية ' أوجيني دولبيرغ' بتأسيس برنامج ' عدسات مفتوحة في العراق' كمشروع تصوير يهدف إلى تزويد مجموعة من النساء العراقيات بوسيلة شخصية وصادقة لسرد حياتهن في عراق ما بعد صدام حسين، بينما قامت ميسون الباجه جي بتوثيق هذه التجربة. وبينما كن يتدربن على التصوير، كن يتحدثن مع بعض عن طفولتهن ومشقة الحصول على تعليم وعن قصص الحب والخيانة وتجارب الحرب والاختطاف والعنف وأعمال المقاومة اليومية. وبالنهاية شكلت رواياتهن قصة جماعية عن تجاربهن. وبعد أن صورن قصصهن في العراق عادت النساء إلى سورية من أجل إنهاء عملهن. درست المخرجة الباجه جي العراقية المولودة في مدينة بغداد في العراق وأميركا وبريطانيا حيث حصلت على شهادة البكالوريوس من قسم الفلسفة في جامعة لندن حيث تقيم، ثم تخصصت في السينما وإخراج الأفلام وأنجزت خلال السنوات الماضية أفلاما تسجيلية في مناطق ساخنة في فلسطين والعراق من أبرزها فيلم ' أصوات من غزة' و'نساء عراقيات' و'أصوات من المنفى' واختيرت للإشراف على ورشات عمل في حقل صناعة الأفلام في أكثر من بلد عربي وعالمي. '' شمعة لمقهى الشاهبندر' 'فيلم ' شمعة لمقهى الشاهبندر' إخراج عماد علي عباس، العراق، وثائقي، بالعربية مع ترجمة إلى الإنكليزية، 23 دقيقة، 2007. يعود تأسيس مقهى الشاهبندر الواقع في شارع المتنبي في قلب وسط بغداد القديم إلى العام 1917، وكان في الماضي معلماً ثقافياً حيث كان العراقيون يتوافدون جيلاً بعد جيل للنقاش والحوار في الأدب والسياسة. كان مقهى الشاهبندر عبارة عن شاهد حيّ على تاريخ العراق الفكري وأحد أهم ملتقيات تبادل الأفكار والآراء. وفي نهاية عام 2006، كان عماد قد صور معظم مشاهد فيلمه. إلا أنه في شهر آذار (مارس)2007، دمرت سيارة مفخخة مقهى الشاهبندر وجميع مكتبات شارع المتنبي، فقتل وجرح عشرات الأشخاص. بعد بضعة أيام، قام شعراء وفنانو بغداد بالسهر على أطلال الشارع الذي أحبوه، فتوجه عماد إلى هناك مع آلة التصوير، إلا أنه تعرض لهجوم بينما كان يغادر المكان، وسرقت آلة التصوير وأصيب بالرصاص في رجليه وفي صدره. فكانت قصته خاتمة لفيلمه عن مقهى الشاهبندر وشارع المتنبي. يعاين الفيلم ما آل إليه هذا الفضاء الإبداعي بعد الاحتلال الأمريكي حيث دمرت أجزاء منه بفعل تفجير حول الشارع الذي يقطن فيه المقهى ( المتنبي) إلى مأساة إنسانية وركام وردم وأطلال . يقوم المخرج بمصاحبة الكاميرا في تصوير آثار التفجير وما انتهى إليه مصير المقهى ورواده لكنه يتعرض إلى هجوم آخر يطيح بمشروعه ويؤدي إلى إصابته بجروح بليغة في أنحاء كثيرة من جسمه . عرض الفيلم في أكثر من مهرجان واستقبل بحفاوة على جرأة مخرجه في خوض غمار مغامرة تصوير فيلمه في فترة تنذر بأجواء مشحونة من العنف اليومي الذي اعتاده المواطن العراقي بشكل يومي حيث القتل والسرقة والاختطاف. ' الرحيل' القرار الصعب.. ويأتي فيلم ' الرحيل' إخراج بهرام الزهيري، العراق، وثائقي، بالعربية مع ترجمة إلى الإنكليزية، 22 دقيقة، 2007، حيث تصل عائلة بغدادية من طائفة الصابئة - المندائيين إلى القرار الصعب بالرحيل إلى دمشق بعد تزايد تهديدات الخطف التي يتعرضون لها وتصاعد العنف في الحي الذي يسكنوه، على الرغم من إقامتهم في هذا الحي على مدى ثلاثة عقود. يوثق الفيلم المراحل الصعبة للرحيل، من بيع الممتلكات وتقسيم المنزل بهدف تأجيره، ويوثق في النهاية الرحلة الصعبة إلى الحدود السورية ووصولهم إلى مسكنهم الجديد.