سمعت مرّة صخرةً تقول : إنني أقوى ما خلق الله في هذه البساتين و أكثر نبلاً من كل القصور المزخرفة المترامية هنا و هناك فأنا أحمل رائحة الزهر و عنفوان الصخر .... فأجابتها نقطة ماء ترشح بكل هدوء من نبع غادر أرضه منذ الصباح الباكر البارد :
أنا أقوى منك أيها المتعجرفة.. فأنا من أرَسُمَ أخاديد الشيخوخة تلك على وجهك و إن واصلتُ دأبي فتتَتك إلى قطع ناعمةٍ كالرمل .... فأجابت الصخرة : إنك لست سوى نقطة عرق على جبني ... أمحوها بساعدي القوي و أبتلعها إن عطشت ... و لا تروي عطشي و ما أن بان صاحب الأرض في الأفق حتى صمتت الاثنتان تترقبان حضوره بانتظار و رهبة ... فرشف صاحب البستان نقطة الماء .... و جلس على رأس الصخرة ... يتأمل في حكمة خلق الله ... و عظمة بنيانه