الثبات على دين الله نعمة عظيمة و مطلب أساسي لكل مسلم صادق يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد
تعريف الثبات
الثبات في تربية النفس هو استمرارها على طريق الهداية والالتزام بتعاليم الاسلام
والمداومة على الخير والسعي على الاستفادة والاستقامة على الهدى
والتمسك بالتقى وعدم الالتفات الى طوارق الهوى ونوازع النفس الشريرة
مع التوبة و الاوبة اذا ما حصل ملا بسة للاثم او ركون الى الدنيا
وقد امرنا الله ان نعبده حتى النهاية كما جاء في قوله تعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )(99) الحجر
اي ان نستمر في جميع الأوقات على التقرب إلى الله بأنواع العبادات ، وهذا
ما جاء في تفسير السلف لهذه الاية
فامتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه ، فلم يزل دائبا في العبادة ،
حتى أتاه اليقين من ربه صلى الله عليه وسلم ، تسليما كثيرا .
ولكننا قد نجد الكثير من الناس قد زاغوا وابتعدوا وهذا الموضوع مرتبط بالقلب
الذي يقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأنه: (لقلب ابن آدم أشد انقلاباً من القدر إذا اجتمعت غلياً) رواه أحمد 6/4
والحاكم 2/289 وهو في السلسلة الصحيحة 1772. ويضرب عليه الصلاة والسلام للقلب مثلاً آخر فيقول: (إنما سمي
القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهراً لبطن) رواه أحمد 4/408 وهو في
صحيح الجامع 2361
وسائل الثبات
كتاب الله و الإقبال عليه :
القرآن العظيم هوسيلة الثبات الأولى، لأنه يزرع الإيمان ويزكي النفس بالصلة بالله وهو حبل الله المتين، والنور المبين، من تمسك به عصمه الله، ومن اتبعه أنجاه الله، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم .
ملازمة الصالحين والاخيار والالتفاف حولهم :
البحث عن العلماء والصالحين والدعاة المؤمنين، والالتفاف حولهم معين كبير على الثبات، فهم ينسوك ملذات الذنوب ويشغلونك عن الشهوات واذا اخطات يقوموك.
وهنا تبرز الأخوة الإسلامية كمصدر أساسي للتثبيت، فإخوانك الصالحون والقدوات والمربون هم العون لك في الطريق، والركن الشديد الذي تأوي إليه
الدعاء:
من صفات عباد الله المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم:
(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا)، (ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا). كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) رواه الترمذي عن أنس مرفوعاً تحفة الأحوذي 6/349 وهو في صحيح الجامع 7864.
تدبر قصص الأنبياء و سير الصحابة والصالحين و دراستها للتأسي و:
لو تدبرت قول الله عز وجل في قصة موسى: {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} الشعراء /61-62.
فنشعر بمعنى من معاني الثبات يدخل الى النفس ويتغلغل بداخلها ونحن نتأمل هذه القصة
وبهذا فان القصص وسير السلف الصالح من وسائل الاعانة على الثبات وتقويته في مكامن النفس
كما انك تجعل على يقين بانك لست الوحيد فهنا الكثيرين مما عاشوا وتمسكوا بالدين والتزموا بها وماتوا وهم ثابتين
التربية:
التربية الإيمانية العلمية الواعية المتدرجة عامل أساسي من عوامل الثبات.
التي تحيي القلب والضمير بالخوف والرجاء والمحبة، والتي تحيط بالواقع علماً وبالأحداث فهماً وتقويماً،
والتي تسير بالمسلم شيئاً فشيئاً، ترتقي به في مدارج كماله بتخطيط موزون، والمنافية للارتجال والتسرع والقفزات المحطمة.
ولكي ندرك أهمية هذا العنصر من عناصر الثبات، فلنعد إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسائل أنفسنا.
ما هو مصدر ثبات صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، إبان فترة الاضطهاد ؟ ، من الذي ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حُنين لما انهزم أكثر المسلمين ؟ هل هم حديثو العهد بالإسلام ومُسلِمة الفتح الذين لم يتربوا وقتاً كافياً في مدرسة النبوة والذين خرج كثير منهم طلباً للغنائم ؟ كلا.. إن غالب من ثبت هم أولئك الصفوة المؤمنة التي تلقت قدراً عظيماً من التربية على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لو لم تكن هناك تربية ترى هل كان سيثبت هؤلاء ؟
ممارسة الدعوة إلى الله عز وجل:
النفس إن لم تتحرك تأسن، وإن لم تنطلق تتعفن، ومن أعظم مجالات انطلاق النفس: الدعوة إلى الله، فهي وظيفة الرسل، ومخلصة النفس من العذاب ؛ فيها تتفجر الطاقات، وتنجز المهمات ، فإن النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، والإيمان يزيد وينقص.
والدعوة إلى المنهج الصحيح - ببذل الوقت، وكدّ الفكر، وسعي الجسد، وانطلاق اللسان، بحيث تصبح الدعوة هم المسلم وشغله الشاغل - يقطع الطريق على محاولات الشيطان بالإضلال والفتنة.
زد على ذلك ما يحدث في نفس الداعية من الشعور بالتحدي تجاه العوائق، والمعاندين، وأهل الباطل، وهو يسير في مشواره الدعوي، فيرتقي إيمانه، وتقوى أركانه.
فتكون الدعوة بالإضافة لما فيها من الأجر العظيم وسيلة من وسائل الثبات، والحماية من التراجع ، لأن الذي يُهاجم لا يحتاج للدفاع، والله مع الدعاة يثبتهم ويسدد خطاهم والداعية كالطبيب يحارب المرض بخبرته وعلمه، وبمحاربته في الآخرين فهو أبعد من غيره عن الوقوع فيه.
معرفة حقيقة الباطل وعدم الاغترار بالشبهات:
وكم سمعنا ورأينا حركات تهاوت ودعاة زلت أقدامهم ففقدوا الثبات لما أتوا من حيث لم يحتسبوا بسبب جهلهم بأعدائهماو انسياقهم تحت وطاة الشبهات
الثقة بنصر الله وأن المستقبل للإسلام:
نحتاج إلى الثبات كثيراً عند تأخر النصر، حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها
فعرض أحاديث البشارة بأن المستقبل للإسلام على الناشئة مهم في تربيتهم على الثبات.
[font=simplified arabic][color=blue][color=black]
مواطن التباث
وهي كثيرة منها:
الثبات في الفتن:
التقلبات التي تصيب القلوب سببها الفتن، فإذا تعرض القلب لفتن السراء والضراء فلا يثبت إلا أصحاب البصيرة الذين عمّر الإيمان قلوبهم.
ومن أنواع الفتن:
- فتنة المال
ـ فتنة الجاه
وعن خطورة الفتنتين السابقتين قال صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) رواه الإمام أحمد في السند 3/460 وهو في صحيح الجامع 5496. والمعنى أن حرص المرء على المال والشرف أشد فساداً للدين من الذئبين الجائعين أرسلا في غنم.
- فتنة الزوجة
- فتنة الأولاد:
- فتنة الاضطهاد والطغيان والظلم
الثبات في الجهاد:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ } الأنفال /45. ومن الكبائر في ديننا الفرار من الزحف وكان عليه الصلاة والسلام وهو يحمل التراب على ظهره في الخندق يردد مع المؤمنين: (وثبت الأقدام إن لاقينا) رواه البخاري في كتاب الغزوات، باب غزوة الخندق انظر الفتح 7/399.
الثبات على المنهج:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} الأحزاب /23 مبادئهم أغلى من أرواحهم، إصرار لا يعرف التنازل.
الثبات عند الممات:
أما أهل الكفر والفجور فإنهم يحرمون الثبات في أشد الأوقات كربة
أما أهل الصلاح والسنة فإن الله يوفقهم للثبات عند الممات، فينطقون بالشهادتين.
اللهم إنا نسألك الثبات
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك