تزايدت في الآونة الأخيرة وبشكل لافت للنظر الحوادث المأساوية الناجمة عن المولدات الكهربائية في قطاع غزة، والتي حصدت أرواح مواطنين اضطروا لاستخدامها عوضاً عن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.
وتحولت هذه المولدات الى 'قنابل موقوتة' في منازل أهالي غزة بعد أن حصدت أرواح 16 مواطناً وفقاً لمصادر طبية.
آخر ضحايا هذه المولدات ثلاثة أطفال أشقاء من عائلة أبو جامع قضوا حرقاً الليلة الماضية جرّاء انفجار أحد المولدات الكهربائية في منزلهم الكائن في بني سهيلا جنوب قطاع غزة.
شهود عيان قالوا إن حريقاً كبيرا اندلع في منزل الدكتور نسيم أبو جامع، نتيجة انفجار مولد كهربائي.
المصادر الطبية أكدت أن جثث الأطفال الثلاثة وصلت الى المستشفى متفحمة نتيجة الحروق الكبيرة، إضافة الى إصابة والدة الأطفال وعدد من أشقائهم.
ولجأت الكثير من الأسر الغزية الى استخدام المولدات الكهربائية المهربة عبر الأنفاق الأرضية بين مصر وقطاع غزة، للتغلب على مشكلة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي بسبب عدم سماح إسرائيل بإدخال كميات كافية من السولار الصناعي المخصص لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة.
ويعيش أهالي غزة محناً كثيرة أوجدها الحصار الإسرائيلي، من أبرزها إضافة إلى مشكلة الكهرباء، أزمة غاز الطهي وكذلك توقف حركة الأعمار والبناء جرّاء عدم سماح إسرائيل بإدخال المواد المخصصة لذلك والتي تفاقمت بعد الحرب الأخيرة ضد قطاع غزة ودمرت خلالها آلاف المنازل والمنشآت.
وقبل نحو شهر، اختطف الموت أرواح ثلاثة أطفال أبرياء من عائلة واحدة وسط قطاع غزة نتيجة استنشاقهم الدخان المنبعث من أحد مولدات الكهرباء وهم نيام.
عبيدة (عامان)، وملك (أربعة أعوام) وخضر (سبعة أعوام) سرق الموت أحلامهم البريئة بغد أفضل ينامون فيه على ضوء الكهرباء كباقي أطفال العالم.
الكهرباء كانت مقطوعة عن منزل العائلة فاضطر الأب الى تشغيل المولد لإنارة المنزل، فوضعه في البداية في شرفة المنزل 'البلكونة'، وبعدها بفترة وضعه في الصالون في مكان قريب من غرفة أطفاله النيام، وهو لا يدري أن تسرب الدخان من أسفل باب غرفتهم سيضع حداً لحياتهم.
أسرة المواطن أسعد حسن العطلة البالغ (37 عاماً)، التي تقطن في بلدة جباليا شمال غزة، أصيبت قبل أسبوع بالاختناق نتيجة استنشاق الدخان المنبعث من أحد المولدات الكهربائية.
واعتاد العطلة مع بدء مشكلة انقطاع الكهرباء تشغيل المولد الكهربائي المنزلي في شرفة المنزل من اجل الإنارة لأطفاله وعائلته خلال انقطاع التيار الكهربائي عن منطقته والذي يستمر لساعات.
وأوضح أنه قام بتشغيل المولد الكهربائي بعد انقطاع التيار وقد وضعه في شرفة المنزل كالعادة، وبعد فترة ذهب إلى غرفة الأطفال القريبة من الشرفة المغلق بابها جيدا، فإذا بعادم المولد قد نفذ إلى الغرفة حيث أغمي على الأطفال جميعاً.
وأضاف 'وجدت أطفالي محمد (11 عاما)، وذكرى (7 أعوام)، ومحمود (3 أعوام)، وحنين (شهور) ملقون في الغرفة وفي حالة صعبة، وقد أجريت اتصالا بشقيقي لكي يحضر الإسعاف قبل أن أسقط بجانبهم من شدة الدخان الذي كان يملأ الغرفة'.
وأشار إلى إنه لولا أن وصلت سيارة الإسعاف بسرعة لأصبحنا جميعا في عداد الموتى حيث تم نقلنا إلى المستشفى ونحن فاقدي الوعي.
المواطن محمود الزيناتي من حي الشيخ رضوان القريب من مدينة غزة، اضطر الى شراء مولد كهربائي بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي.
وقال الزيناتي لـ'وفا': 'بسبب انقطاع التيار الكهربائي ولفترات طويلة اضطررت لشراء مولد كهرباء صغير لإنارة منزلي خلال ساعات الليل، خاصة أن لي أطفالا صغار'.
وأضاف أنه بدأ هذه الأيام يشعر بالقلق بعد سماعه عن الحوادث الناجمة عن سوء استخدام المولدات التي أدت لمقتل وإصابة العديد من المواطنين.
وأكد أنه يحرص على إتباع طرق السلامة عند استخدام المولد الذي ينشر الضجيج في المنزل لارتفاع صوته.
وحمّل الزيناتي اسرائيل المسؤولية عن الأوضاع التي وصل إليها المواطنون في قطاع غزة، بسبب حصارها الخانق الذي طال مختلف جوانب الحياة الانسانية.
لكن المواطن 'أبو أحمد' يرفض بشدة شراء مولد كهربائي رغم إلحاح أفراد أسرته عليه خوفا على حياتهم كما يقول.
وأضاف أن سلبيات هذه المولدات أصبحت أكثر من ايجابياتها، مشيرا الى أنها أدت الى وفاة العديد من المواطنين، وكذلك ينتج عنها عوادم سامة تسبب الكثير من الأمراض، خاصة في الجهاز التنفسي، إضافة الى صوتها المرتفع.
وأكد أنه يفضل استخدام الشموع والمصابيح التي تعمل بواسطة 'الكاز الأبيض'، بدلاً من تلك المولدات.
أسباب عديدة تقف وراء وقوع مآسي المولدات الكهربائية وفقاً لمختصين، من أبرزها سوء الاستخدام مثل: إشعال الشموع والنيران لتفقد المولد أو عند تعبئته بمادة 'البنزين' شديد الاشتعال، وملء المولدات بكميات كبيرة من الوقود وعدم تجفيفه جيدا من الوقود، إضافة الى تخزين كميات كبيرة من 'البنزين' في المنازل.
ونصح هؤلاء المختصون المواطنين بإتباع طرق الوقاية والسلامة عند استخدامهم للمولدات حفاظاً على حياتهم وحياة أطفالهم.